السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

المغرب.. النموذج التنموي الجديد

قدّم رئيس الحكومة المغربية الجديدة، الأسبوع الماضي، مضامين برنامجه الحكومي أمام البرلمان؛ من أجل نيل الثقة استكمالاً للمسطرة الدستورية. وتتمثل التزامات الحكومة في هذه الفترة: باستحداث مليون منصب شغل خلال السنوات الخمس المقبلة، وتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، وحماية وتوسيع الطبقة الوسطى، وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة متوسطة فلاحية، مع تحديد نسبة نمو بمعدل 4% خلال الولاية الحكومية.

يبدو من خلال هذا البرنامج أن الحكومة المغربية لديها رؤية شاملة تهدف إلى إخراج البلاد من الوضع الاقتصادي الصعب، والذي ازدادت حدته بسبب وباء كورونا. هذا الأمر يفرض عليها بلورة قرارات وسياسات وإصلاحات جذرية لمواكبة ما جاء في تقرير لجنة النموذج التنموي. المقصود بالنموذج التنموي هو الإطار الذي يحدد ويرسم الأولويات التي ينبغي أن تنصب عليها السياسات العمومية لقيادة البلاد نحو تحقيق التقدم.

ويرتكز النموذج التنموي الذي ستبدأ الحكومة المغربية العمل على تنفيذه، على 4 محاور استراتيجية رئيسية؛ أولاً، تطوير الاقتصاد ليصبح اقتصاداً متميزاً بتعدد الأنشطة والتنافسية قائماً على نسيج مكثف من المقاولات قادرة على الابتكار والمرونة. ثانياً، تعزيز الرأسمال البشري بهدف منح كل المواطنين القدرات التي تمكنهم بكل استقلالية من الأخذ بزمام الأمور وتحقيق طموحاتهم والمساهمة في تنمية البلاد، وهذا يتطلب إصلاحات أساسية وضرورية وعاجلة لكل من أنظمة الصحة والتربية والتعليم والتكوين المهني.

ثالثاً، مساهمة كل المواطنات والمواطنين في الدينامية الوطنية للتنمية؛ ما يعني المشاركة والولوج المتكافئ إلى الفرص الاقتصادية من خلال الحماية الاجتماعية والانفتاح على الغير، وتقبل التنوع ومحاربة الإقصاء الاجتماعي.

رابعاً، الانتقال بالمجالات الفلاحية من مجرد وعاء نهائي لتفعيل السياسات العمومية المقررة على المستوى المركزي إلى فاعل رئيسي في إعداد السياسات العمومية وإرسائها وإنجازها.

يطمح المغرب من خلال هذا النموذج التنموي إلى مضاعفة حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في حدود عام 2035، وتعميم التعليم الأساسي لفائدة أكثر من 90% من المتعلمين، وزيادة عدد الأطباء لبلوغ المعايير الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية، وتخفيض 20% من حصة التشغيل غير النظامي، وتوسيع نسبة مشاركة المرأة وصولا إلى 45%.

من أجل تحقيق هذه الأهداف، يبقى أول التحديات أمام الحكومة الجديدة هو تنزيل سلسلة من التدابير الاجتماعية والاقتصادية لدعم الشركات والأفراد ضمن خطة واضحة وشاملة، وتحقيق العدالة والسلم الاجتماعيين من خلال الحوار مع الشركاء الاجتماعيين، وتهيئة الأوضاع لفترة ما بعد التعافي من أزمة كورونا، إضافة إلى تدابير كثيرة أخرى.