الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

السودان.. تحديات المرحلة المقبلة

سنواتٌ من العزلة عاشها السودان جرّاء سياسة نظام الرئيس المعزول عمر حسن البشير، الذي أطاح السودانيون بحكمه عام 2019، ولعلّ أهمّ إنجازٍ لقوى الثورة السودانية في طيّ صفحات الماضي عن بلدٍ رغم غناه يئنُّ تحت وطأة الفقر والبطالة، يكمن في نجاحها بكسر قيد العزلة الدولية والتوصل مع «واشنطن» إلى اتفاقٍ، تخرج بموجبه الخرطوم من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، مما سيدفع بالسودان قدماً لاستثمار هذا الأمر على الصعيدين الداخلي والخارجي.

إنّ إدراج السودان ضمن الدول الراعية للإرهاب، جعله تحت وطأة عقوباتٍ وحصارٍ اقتصاديٍّ أنهك البلاد، إذْ أُخرج من النظام الاقتصادي العالمي، وحُرم من الاستثمارات الاقتصادية مع العالم المتقدم، فتحوّل إلى بلدٍ منكفئ على نفسه، غير قادرٍ على استغلال موارده الجمة أو استثمارها، بالإضافة إلى العجز الحاد والمديونية الضخمة التي كان مجرّد التفكير بسدادها ضرباً من الخيال، أما اليوم فبإخراجه من هذه القائمة سيتغير وجه البلاد باستقبالها لعقود الاستثمار الدوليّة في القطاعات كافة؛ الزراعية والنفطية والصناعية والتجارية، ما يوفّر الموارد الكافية لنهضة السودان ولحاقه بركب التطوير والبناء، وقدرته على التعامل مع العالم الخارجي بمرونة وسلاسة دون تعقيداتٍ.

ومن آثار تلك القيود والعقوبات المرتبطة بملف الإرهاب على الصعيد الداخلي أنّ السودان تحوّل إلى بلد من أفقر البلدان في العالم على مستوى البنى التحتية والخدمية، لتعطُّل كافة القطاعات ولا سيما الاقتصادية، ما جرّ البلاد إلى أزماتٍ خانقةٍ وصراعاتٍ داخليّةٍ بحثاً عن سدّ الرمق، في حين أنه لولا هذه العقوبات لكانَ ممن يستقبل العمالة لا ممن يصدرها، وبذلكَ فإنّ منعكسات هذا الاتفاق على الصعيد الداخلي تكمن في القدرة على إعادة بناء البنى التحتية وتهيئة الأجواء للاستثمارات الخارجية قانونياً وإجرائياً؛ الأمر الذي سينعكس مباشرةً على الواقع المعيشي والمستوى الخدمي والتعليمي والصحي والاقتصادي، الذي سيلمسه المواطن السودانيُّ قريباً، عدا عن عودة الاستقرار السياسي والأمني في طريق بناء دولةٍ منفتحةٍ مرتبطةٍ بالنظام الاقتصادي العالمي.


على الرغم من أنّ القوى الثورية التي تقود السودان اليوم أمام إرثٍ كبيرٍ من الملفات المعقدة التي تحتاج إصلاحات سياسية وإدارية وتشريعية، إلا أنّ نجاحها بعودة السودان إلى النظام الاقتصادي العالمي المرتقبة يعدّ حافزاً للتقدّم أكثر فأكثر ومواصلة بناء السودان الحديث.