الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

لبنان.. الدولة والحزب والفوضى

اقتصاد متدهور وفساد منتشر وتدخلات خارجية ملحوظة، عوامل تجعل من أي بلد قابل للاشتعال إذا لم نقل للانهيار في أي وقت ولأسباب قد لا يتوقعها أحد.

اللبنانيون يعانون وضعاً معيشياً كارثياً، فحسب آخر تقرير للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في الأمم المتحدة فإن معدّل الذين يعيشون في عالم الفقر في لبنان بلغ 82% في العام الحالي، ناهيك عن نسب البطالة والمديونية وانهيار العملة، وكل هذا بجانب تفكك سياسي وطائفي مزمن.

لا أحد ينكر خصوصية لبنان الذي أُريد له أن يبقى مثل «أحجار الليغو» يشكل لوحة جميلة ولكنه قابل للتفكك في أي وقت ولأبسط سبب، إلا أن الوضع الاقتصادي المتدهور أصبح عاملاً ضاغطاً قد يغذي العوامل الأخرى الطائفية والحزبية بشكل قد يُقرب لبنان من الدخول إلى نادي الدول الفاشلة في المنطقة! وما حدث الأسبوع الماضي أعاد للأذهان شبح الحرب الأهلية، فخلال ساعات قليلة بدت شوارع بيروت كأنها ساحة حرب أتت على كل ما تحقق منذ 1990.


ما يجري في لبنان الذي تُرك وحيداً ليواجه تطرفاً غير مسبوق في نهب الدولة ومقدراتها وتطرفاً حزبياً ومذهبياً يرى بالطائفة والحزب بديلاً عن الدولة، يشير إلى أن هناك مَن يستخدم الاقتصاد كأداة تقوم بدور الصاعق الذي يفجر الوضع اللبناني، ويعيد مرحلة «الفوضى الخلاقة» بكل تجلياتها إلى المنطقة، إذ إن لبنان ليس كغيره فخصوصية وضعه الجغرافي والديموغرافي يعزز من انتشار تداعيات انهيار الدولة وامتدادها إلى مناطق لم يتوقعها أحد، فواقع لبنان المعقد أصعب من أن يتم احتواؤه داخل الحدود، وهذا ما على الجميع أن يدركه ويعيه قبل أن نصل إلى المرحلة التي لا عودة فيها.


الوضع اللبناني يؤكد أن هناك سيناريو يُرسم لمستقبل المنطقة، وإلا كيف لنا أن نقرأ عن كل هذا التغاضي الأمريكي عن القيام بدورها في ضمان الأمن والسلم الإقليميين، وتحولها إلى المحيطين الهادئ والهندي، وهي تعلم تمام العلم أن أوروبا ليست مستعدة لملء الفراغ، أما الصين غير جاهزة بعد للقيام بهذا الدور.

باختصار، المنطقة اليوم بلا رأس ولا ضامن دولي لأمنها، وعلى الإقليم أن يفكر ملياً في ما يحدث في لبنان وأن يراجع أجندته السياسية، فالوضع اللبناني يجب أن يتصدر المشهد، قبل أن ينسف لبنان الإقليم ويعيدنا إلى مربع «الفوضى الخلاقة» مرة أخرى.