السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

التسامح.. وتحدي تصادم القيم

مفهوم التسامح مفهوم شامل يحدد علاقة الإنسان بكل من حوله، ابتداء من الأسرة وحتى العلاقة مع جميع بني الإنسان ومع الطبيعة والكون. تتنوع قيمة التسامح بتنوع المواقف، وتنوع من يتم التعامل معهم، فالتسامح يكون في حالة الغضب وفي حالة الرضا، ويكون مع المختلفين في المكانة الاجتماعية مثل الخدم والمساعدين، ويكون كذلك مع المختلفين دينياً أو لغوياً أو عرقياً، ويكون مع الرئيس والمرؤوس.

الإنسان يحتاج للتسامح في جميع نواحي حياته، لأن فكرة التسامح إذا ما تحولت إلى ثقافة مجتمعية يكون لها دور في تحقيق السعادة للفرد والمجتمع، وفي تحقيق الازدهار الاقتصادي والتنمية الإنسانية الشاملة المستدامة للدول والمجتمعات.

التسامح قيمة إنسانية كبرى، وتعليم القيم من أصعب مناهج وطرق التعليم، لأنه يتعلق بموضوعات متداخلة ومعقدة، وسنركز في هذا السياق على واحد من هذه التحديات وهو تحدي «تصادم القيم»، هذا التحدي يعني أن تعليم قيمة معينة قد يقود إلى هدم قيمة أخرى، لذلك تجب اليقظة الدائمة لتحدي تصادم القيم.


في كثير من الأوقات يتم تعليم قيمة معينة، وفي سبيل تحقيق ذلك يتم هدم قيمة أو قيم أخرى، وهذا يحدث بصورة غير واعية، لأن منظومة القيم المجتمعية والفردية الإنسانية متشابكة ومعقدة جداً، وتحتاج لإدراك عميق لتداخلها وترابط بعضها مع بعض، وتصادم بعضها مع بعض في حالات معينة.


يحدث تصادم القيم عندما يفتقد التوازن في تعليم القيم، بمعنى أن يتم الاندفاع مع قيمة معينة بصورة تفتقد الاعتدال والوسطية بما يقود إلى هدم قيمة أخرى أو النيل منها أو إضعافها، وهنا التحدي هو كيفية الحفاظ على قيمة التسامح دون النيل من قيمة الهوية الثقافية، بحيث يتم تعليم التسامح دون إضعاف الهوية، والعكس بالعكس، أي أن يتم تعليم الهوية دون المساس بقيمة التسامح، لأن الاندفاع مع قيمة التسامح دون الأخذ في الاعتبار الهوية الثقافية قد يضعف الهوية عند المتعلمين، ويجعلهم مستعدين للتنازل عما هو من صميم هويتهم وثقافتهم من أجل إرضاء الأطراف الأخرى.

هذا يقودنا إلى أن التسامح طريق ذو اتجاهين: تسامح مع الجميع، واعتزاز بالهوية والثقافة والتاريخ بما لا يمس كرامة واحترام الآخرين. قبول للآخر بدون تعالٍ أو نظرة دونية، وفي الوقت ذاته يكون هناك اعتزاز بالذات والهوية على ما هي عليه؛ دون شعور بالدونية، أو النقص أو الرغبة في الاعتذار، لذلك كان التطور الطبيعي لمفهوم التسامح هو مفهوم التعددية.