الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

من يُداوي جِراح لبنان؟

الشعب اللبناني ينزف.. وفي كل يوم مأساة جديدة، تطوّرت أخيراً إلى معارك بالرصاص سقط فيها ضحايا، وإن الأزمات تزداد كل يوم ولم يكن غريباً أن تصل إلى الطّعام ولبن الأطفال والبنزين، حتى وصلت أخيراً إلى انقطاع الكهرباء.

تواصلت احتجاجات الشعب على ارتفاع الأسعار وسوء الأوضاع المعيشية مطالبين بالدعم، ولكن «لا حياة لمن تنادي»!

أقامت فرنسا أكثر من مؤتمر اقتصادي لدعم لبنان، ولكنها لم تنجح في تحقيق الاستقرار، وبقي الاقتصاد اللبناني يعاني مرحلة صعبة تطال كل مستلزمات الحياة، والشيء المؤسف أن الجميع تخلّى عن لبنان حتى عندما أظلمت الشوارع ولم يجد الأطفال من يطعمهم، فكبار البلد تخلوا عن المسؤولية، وظلّت الدولة بلا حكومة لفترة طويلة وتهرّب الجميع من تحملها، وهذا ما جلب انعدام الأمن والاستقرار وتدهور العلاقات بالجوار والعالم.


إنّ أخطر ما يواجه لبنان الآن هو الاشتباكات الدامية التي حدثت بين الفرقاء، التي تعيد للأذهان صوراً من الماضي القبيح والحرب الأهلية التي مزّقت الوطن اللبناني لسنوات طويلة وما زالت جذورها تمتد بين الفصائل المتصارعة، وكأنهم لم يستوعبوا لحد الآن درس التفرقة، وما تسببه من دمار يصعب تداركه.


لبنان الدولة الصغيرة تحيطها تهديدات كثيرة، وأصوات العقل من رموزها لا بد أن تواجه الأزمة والانقسامات الطائفية البغيضة، التي أضاعت عليها فرص التقدم والازدهار، رغم أنها تملك الإمكانيات البشرية والاقتصادية والموارد الطبيعية، ما قد يجعل منها وطناً غنياً أمناً مستقراً إلى حد ما، ولكن الأجيال القديمة تخلّت عن مسؤولياتها في إنقاذ البلد من أزماته.

في الجانب الآخر، إن ما يحدث في لبنان يحتاج كذلك إلى وقفة عربية مسؤولة، لأن هذا البلد يمثل ركناً مهماً في منظومة الأمن القومي العربي ودوراً وموقعاً استراتيجياً.

وإن الأزمات التي تحاصر الشعب اللبناني في حياته وأمنه لا ينبغي أن تكون شيئاً عابراً في حياة الشعوب العربية، لأن الجميع على قناعة تامّة بأن أمن وسلام لبنان يمس كل العرب.

في أكثر من مناسبة أعلن أحمد أبوالغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، دعم الجامعة للشعب اللبناني ولكن التصريحات لا تكفي، ويجب أن يكون للجامعة مواقف أكثر التزاماً، وأن يكون الدعم الاقتصادي في مقدمة الأولويات، لأن الشعب اللبناني لن يستطيع تحمل المزيد من الأزمات.