الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الجزائر.. المضاربة وسيف الحجاج

صادق مجلس الوزراء الجزائري على مشروع قانون يقضي بالسجن 30 سنة على المضاربين، الذين يحتكرون السلع بهدف خلق الندرة؛ ومن ثَمَّ التلاعب بالأسعار، وقبل ذلك قال الرئيس تبون إنه إذا فشلت 30 سنة سجناً في ردع المضاربين ستتم مضاعفة العقوبة وقد تصل حد «الإعدام».

وجاء ذلك على خلفية نقص المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، فضلاً عن ارتفاع أسعارها بشكل لافت، حيث تضاعفت الأسعار، وأثرت بشكل قاسٍ على القدرة الشرائية للمواطنين ذوي الدخل المحدود، وعموم الطبقة الوسطى. ما جعل النقابات تطالب برفع الحد الأدنى للراتب إلى نحو 300 دولار.

وبعد أن أطلق مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي جام غضبهم على الحكومة، وكذلك جمعيات حماية المستهلك، صرح رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون في لقائه الدوري مع الصحافة، بأن السبب الرئيسي هو «المضاربة وليس الندرة»، وتعهد بمحاربة المضاربين.

ولطمأنة التجار، تم تكليف وزير التجارة ليقوم بحملة شرح قرار الحكومة، ليتم التمييز بين «التخزين العادي» للسلع لحمايتها من الفساد، وبين «التخزين من أجل المضاربة».

وبعد ذلك، نظمت عدة قنوات تلفزيونية برامج تنتقد الاحتكار والمضاربة والتلاعب بالأسعار، خاصة أنه ظاهرة أصبحت ثابتة خلال المناسبات والأعياد.

وبغض النظر عن قرار الحكومة، وعن الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع الأسعار، وهل هي المضاربة أم عوامل أخرى، كشح المياه الذي أدى بالفلاحين لشراء الماء للسقي، فإن تقرير منظمة الغذاء العالمي الصادر يوم 2 أكتوبر 2021، ذهب في اتجاه معاكس للندرة التي تشهدها السوق الجزائرية.

حيث كشفت أن الجزائر تعد البلد الأفريقي الوحيد المستقر غذائياً ولا يعاني من المجاعة. وبيّن أن الجزائر جاءت مع «الدول الزرقاء»، أي تلك التي تقل فيها المجاعة عن 2,5%، وهي أضعف نسبة، لتصنف بذلك مع الدول الأوروبية وكندا وأستراليا وغيرها.

و جاء في تقرير المنظمة أيضاً أن أكثر من 811 مليون شخص يعانون من المجاعة أغلبهم في القارة الأفريقية، فأكثر من ثُلث سكان الصومال، الكونغو، أفريقيا الوسطى وليبيريا يعانون المجاعة، حيث تتصدر هذه الدول أسوء المؤشرات في القارة والعالم بنسبة تجاوزت 35% من السكان.

والحقيقة، أنه خلال السنوات الـ20 الأخيرة، ازدهرت الزراعة في الجزائر، وهي تغطي السوق بارتياحية كبيرة، وبمقدورها تصدير كثير من المنتجات للخارج، وبمقدور ولايتين (محافظتين) فقط هما: بسكرة، ووادي سوف في الجنوب الجزائري وبمفردهما تغطية كامل احتياجات الجزائر من الخضراوات وخاصة مادة البطاطا التي تعتبر أشهر مادة عند الجزائريين.

الإشكال الآن، هل فعلاً المضاربة هي سبب «الندرة» و«ارتفاع الأسعار» لتحقيق أهداف سياسية كما تقول الحكومة، أم أن هناك أسباباً أخرى؟