الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

السلامة أولاً.. أم الحرية؟

كلنا نحب الحرية الشخصية، لكننا أحياناً لا نعبأ بها عندما تتعرض حياتنا لخطر؛ فلا يختلف عاقلان على أنه إذا تعارضت سلامة المجتمع وحرية الأفراد، فإن الأولوية للسلامة لا للحرية، والحالة المثلى هي التوازن بين حريات الأفراد وسلامة المجتمع، لكن إذا تعذَّر ذلك وُضعت السلامة في المقام الأول.

يقول جون جاك روسو: «يولد الناس أحراراً لكنهم مُكبَّلون بالقيود في كل مكان»، نعم هذا هو حال بني البشر، فإنهم إن لم تُقيِّدهم القوانين قيَّدتهم الأخلاق أو الضوابط الاجتماعية أو الخُرافات والأساطير أو الأوبئة، أو غير ذلك من قيود الحياة المتعددة والمتجددة.

ومِن قيود الحرية المستجدة جائحة كورونا التي تجتاح العالم منذ سنتين تقريباً، التي كبَّلت الإنسان بالقيود في كل مكان؛ أي أننا عشنا حالة استثنائية من تقييد حريات التنقل والتجمع، وحتى التمتع بالهواء الطلق!؛ إذْ فَرَضت الإجراءات الاحترازية لمكافحة الداء قيوداً لم يعرفها العالم من قبلُ: الحجر والعزل الصحيان، ووضع الكِمامات على الفم والأنف، والتباعد الجسدي، وغير ذلك من إجراءات أصبحت مخالفتُها تُعرِّض الإنسان لغرامات مالية كبيرة في كثير من البلدان، بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية التي أفقدت أعداداً هائلة من البشر وسائلَ دخلهم واستقلالهم الاقتصادي أو قُلْ حريتهم الاقتصادية.


كثير من الناس تقبَّلوا تلك القيود رغم صعوبتها وألَمها، إذْ أحالت بيوتهم إلى سجون صغيرة مغلقة، لكن في سبيل الحياة والسلامة يهون كل شيء.


تفاوتت الدول في تشديد القيود والإجراءات الوقائية لمواجهة الوباء، وكانت الحرية عقبةً في تطبيق كثير من السياسات الصارمة في بعض الدول لكنها لم تكن كذلك في دول أخرى.

غير أن بلداناً قليلة اتخذت إجراءات شاملة ومتكاملة لمواجهة الأزمة، وفي الوقت نفسه لم يشعر الناس فيها بألم تلك الإجراءات، ومن هذه البلدان دولة الإمارات العربية، التي ظلت مسيطرة على انتشار المرض منذ بدايته حتى تمكنت في نهاية 2020، من بدء حملة تطعيم شاملة سخِّرت لها جميع الوسائل والإمكانيات البشرية والمادية.

اليوم خرجت الإمارات بأمان من أزمة كورونا لتعود الحياة إلى طبيعتها تقريباً، بعد أن تصدَّرت دول العالم في تطعيم سكانها، وها هي اليوم تجني ثمار الخروج من الأزمة باستضافة أضخم معرض عالمي (إكسبو 2020 دبي).