الاحد - 06 أكتوبر 2024
الاحد - 06 أكتوبر 2024

مصر.. لا أزمة في رفع سعر الخبز



يحتل الخبر حيزاً كبيراً في المنظومة الغذائية لمعظم شعوب العالم، باستثناء مناطق من آسيا التي يحتل الأرز فيها هذه المكانة، وفي الأمة العربية لا استثناء في الخبز.
معرفة الإنسان بالخبز كانت تقريباً قبل عشرة آلاف سنة بتعرفه على القمح، ثم قيامه بزراعته حول الأنهار، سواء في العراق وحضارتها السومرية، أو مصر وحضارتها الفرعونية.

الخبز ليس عادة غذائية حديثة على المجتمع المصري، بل هو أصل غذائه وممتد امتداد حضارته، وهذا ليس موثقاً في الرسومات الفرعونية فقط، بل في حلم عزيز مصر في سورة يوسف في القرآن الكريم أيضاً.


في الأسبوع الماضي صرح وزير التموين المصري، علي المصيلحي، بالبحث عن بدائل منظومة دعم الخبز الحالية، الذي يربط فيه معظم المحللين الخبز بالثورات عبر التاريخ، سواء البعيد منذ زمن الفراعنة والبطالمة، أو الحديث أثناء الثورة الفرنسية 1879، والثورة الروسية 1917، التي كان شعارها «الأرض والخبز والسلام»، مذكرين بالثورات والانتفاضات في العالم العربي في الوقت المعاصر، كانتفاضة الخبز في مصر 1977، أعقاب الرفع الجزئي عن دعم السلع الأساسية، وانتفاضات الخبز في المغرب وتونس 1984، والسودان 1985، والجزائر 1988، أما آخرها فكان الثورة السودانية في ديسمبر 2018، التي أطاحت بالرئيس السوداني السابق عمر البشير.

هل الذي يستطيع شراء علبة سجائر.. لا يستطيع أن يوفر 20 رغيفاً بسعر أكثر قليلاً عن سعره المدعوم؟!

طرح أي بدائل لدعم منظومة الخبز بمصر لن يؤدي لبلبلة، فالفئة المتأثرة بالقرار ضئيلة جداً، ولن يؤثر عليها عملياً هذا القرار، فالغرض منه هو ردم الفجوة بين سعري رغيف الخبز والسجائر، فثمن عشرين رغيف خبز مدعوماً، تساوي قيمة سيجارة واحدة، كما قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. فهل الشخص الذي يستطيع شراء علبة سجائر، لا يستطيع أن يوفر عشرين رغيفاً بسعر أكثر قليلاً عن سعره المدعوم الحالي؟!


اتبعت الحكومة المصرية سياسة الطرح التدريجي للموضوع، فلقد تم الطرح في أغسطس الماضي (2021) على لسان السيسي نفسه، ربما ليتحمل مسئولية القرار شخصياً، وأعيد طرحه الآن (يناير 2022)، ما ولّد نوعاً من النقاش المجتمعي الطويل، وسيؤدي هذا النقاش لتبخر أي «حمية» غير مخطط لها حينها، فما يزال تاريخ التنفيذ غير معروف، كما أن الفئة المنتفعة من الدعم لن ينطلي عليها لغط الإعلام (الغربي)، أو حوارات مواقع التواصل الاجتماعي المؤدلجة، فتجربتهم من ثورة 25 يناير ليس بعيدة.

أخيراً، ربما طرح الموضوع الآن مع قرب الاحتفالات بثورة 25 يناير، لوجود التأهب الأمني، في حال محاولة أي جهة استغلال القرار أثناء الاحتفالات.