الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الهيمنة الصينية.. هل تصب في مصلحة العالم؟

الناتج المحلي هو الثاني عالمياً بـ17 تريليون دولار يمثل 18% من الناتج العالمي وستحتل المركز الأول خلال بضع سنوات، صادراتها هي الأولى عالمياً بقيمة تتجاوز 2.6 تريليون دولار، عدد الأيدي العاملة فيها يتجاوز 900 مليون فرد، تستحوذ على 80% من المعادن النادرة، احتياطيها النقدي 3.2 ترليون دولار، تمتلك 1948 طناً من الذهب، ثلث رافعات العالم تعمل بها، الميزان التجاري مع نظيراتها غالباً لصالحها، متطورة تكنولوجياً، تزرع كل شيء وتُصنِّع كل شيء، هذا بعض من الصين التي تُصنف أيضاً من الأسواق الناشئة، فالصين الشعبية تكاد تكون كوكباً مستقلاً بذاته، ولو أوجدنا أرضاً جديدة ونقلنا الصين بما تحتويه إليها فإنها ستُعمرها باقتدار، وفي المقابل سيتعطل عالمنا وما يلبث حتى يصاب بالشلل.
إقرأ أيضاً: لوِ اتَّحدتْ دُوَلُ الخليجِ..
بصمة الصين على هذا الكوكب رسمها البعض كبضاعة رديئة أو منتج تقليد وهذا تصور خاطئ تماماً، تاريخياً لها الفضل في أحد أهم الاختراعات عبر العصور وهو الورق، كما أنها اخترعت البارود وصناعة الحرير وغيرها من الاختراعات التاريخية حتى وصلنا إلى العصر الحديث، وبدأنا نلمس تطورها تكنولوجياً وتنافسها عالمياً مع كبرى الشركات الغربية، لذلك من الطبيعي أن تكون الصين في المرتبة الأولى عالمياً على الصعيد الاقتصادي خلال بضعة سنوات، وبالتالي سينعكس ذلك سياسياً وعسكرياً رغم تجنبها التدخل السياسي المباشر، بل تحاول التغلغل عبر غزو الديون كما تفعل الآن في القارة الأفريقية، إذن فإن السؤال سيكون: ماذا لو سيطرت الصين على العالم وأصبحت هي القوة الواحدة كما هي الولايات المتحدة خلال قرن من الزمن؟

ربما من صالح العالم أن تبقى الصين على هذا الكوكب وربما من صالحه أيضاً أن تهيمن عليه

انتهجت الولايات المتحدة التوسع والنفوذ تحت غطاء «القيم الأمريكية» بصبغة تتحدث عن الحريات والعولمة والمساواة وحقوق الإنسان مغلفين بعلمانية مزيفة، واستخدم الغرب هذه القيم للابتزاز وحتى جرائمه أحياناً، أما الصين تحت حكم الحزب الشيوعي فلا تؤمن بقيم دينية ولا أيديولوجية ويتصرف الحزب بشكل عملي براغماتي وفق مصالح الصين فقط، حتى أن الحزب نفسه لم يتحدث عن القيم التي يقوم عليها إلا عام 2006، لذلك فإن العمل مع نظام عملي براغماتي لا يتدخل في معتقداتك ولا يهمه سوى تبادل المنافع ربما يكون مغرياً للعالم، على سبيل المثال لا تكاد تمر صفقة تسليح أمريكية لدولة ما إلا بشد وجذب وتعطل وابتزاز - كصفقة طائرات F-35 لدولة الإمارات - وفي المقابل حصلت المملكة العربية السعودية على صواريخ رياح الشرق الاستراتيجية بعيدة المدى من الصين دون تعقيدات رغم شبه انعدام العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في ذلك الوقت، نعم ربما من صالح العالم أن تبقى الصين على هذا الكوكب وربما من صالحه أيضاً أن تهيمن عليه.