الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

اللقاح الإجباري.. أغلبية وأقلية

خرج عشرات الآلاف في مظاهرات خلال الأسابيع الماضية، من المناهضين لشرعية اللقاح الإجباري، والقيود التي وضعتها الدول كاحترازات، ضد متحور أوميكرون في عدد من المدن الأوروبية.

بدأت المظاهرات كحركة احتجاج، تناصر الحقوق الفردية، وهذه ليست ظاهرة جديدة في الغرب، ففي أواخر القرن التاسع عشر (1885م)، خرج عشرات الآلاف من البريطانيين إلى الشوارع، احتجاجاً على فرض أول لقاح عرفته البشرية، وهو اللقاح المضاد للجُدري، الذي شكّل أول جدل حول الإجبار فى تلقي اللقاحات، وواجهته الحكومة حينئذ باعتقالات وغرامات وأحكام بالسجن.

الاحتجاجات الفرنسية كانت الأشد، فلقد أصيب فيها نحو عشرة من رجال الشرطة، وفي المقابل تم اعتقال 34 شخصاً، وما جعلها الأشد هو تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لصحيفة «لو باريزيان»، التي استهدف فيها غير الراغبين في التلقيح ضد كوفيد-19 بفرنسا، حين قال: «أريد حقاً أن أنغص على غير الملقحين حياتهم.. وسنواصل القيام بذلك للنهاية، هذه هي الاستراتيجية.. لن أضعهم في السجن، ولن أقوم بتلقيحهم بالقوة.. لكن اعتباراً من 15 يناير 2022، لن يتمكنوا من الذهاب إلى مطعم، ولن يتمكنوا من احتساء كوب قهوة، أو الذهاب إلى المسرح أو السينما، إن لم يكونوا مُطعّمين».

ألا تدرك المفوضية أن أول حق للإنسان هو حق الحياة وأن هذا الفيروس قضى على حياة الملايين

أما في الدول العربية فلا تخلو دولة من مجموعات الرافضين للتلقيح، ويمكن قراءة ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، ففي الأردن- مثلاً- عبّر رافضو إلزامية التلقيح بلقاحات كورونا عن رفضهم على تويتر عبر هاشتاج «#ارفض_أمر_الدفاع_35».


لم يخرج أحد في الدول العربية احتجاجاً على التلقيح، إلا العمال اللبنانيين وسط بيروت (باريس العرب)، رفضاً لقرار مارون الخولي، رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال بلبنان، بـ«إلزامية التلقيح» ضد كوفيد-19، الذي اعتُبر انتهاكاً صارخاً للدستور اللبناني وكافة الشرائع الدولية.


اللافت أن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تطالب بضمان احترام حقوق الإنسان، وتشدد على أن فرض اللقاحات ليس مقبولاً لاعتبارات حقوقية، ألا تدرك هذه المفوضية أن أول حق من حقوق الإنسان هو حق الحياة، وأن هذا الفيروس قضى على حياة الملايين من الناس حول العالم في بداياته! أيعقل أن تعرض الأكثرية لخطر الإصابة بفيروس كورونا، لأن للأقلية حق رفض تدعمه منظمات حقوق الإنسان الأممية؟

ألا يرى هؤلاء أن هذا الفيروس المميت تحوّر ووصل إلى أضعف صوره (أوميكرون) بفعل اللقاحات؟ أليست هذه أنانية واضحة تتبناها تلك الأقلية، أين هم والمنظمات من المصلحة العامة؟ يبدو أن المصلحة العامة مغيّبة، ولولا غيبَتُها لما أودت الثورات، بحثاً عن حقوق «وهمية»، بأربع دول عربية.