الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الممارسة "السياسية".. تواطؤ وكذب

على مَرّ التاريخ تسير الممارسة السياسية الإنسانية في طريق مترنح بين المصلحة والأخلاق، وبعد سنوات من تسيّد أمريكا والغرب بلؤمٍ فوق هذا العالم نصل اليوم إلى مفترق طرق، تظهر فيه أقطاب دولية متعددة تتشارك هذه السيادة غصباً أو طواعية وعلى رأسها روسيا والصين والهند وتركيا.

في الأثناء ومع بروز الأزمة الروسية - الأوكرانية تسقط الأقنعة الغربية كاشفة عن سنوات من الكذب الممنهج متعدد القنوات، سواء من الساسة أو التكتلات أو الإعلام ليجعل المشهد أكثر تعرياً أمام الشعوب التي صدقت المقلب المتمثل في "وهم الحضارة" لأزمنة طويلة .. ولكن هكذا الإنسان في تعاطيه مع سيكولوجيا الكذب .. يبقى متمسكاً بالوهم ليحمي نفسه من ألم المواجهة حتى تظهر الحقيقة فتحوله إلى ثائر أو منتقم أو متسامح !

هناك فئات سبقت الشعوب في كشف المستور عن خدع الغرب السياسية التي انكفأت على مصالحها الذاتية في الأزمة الأخيرة وهم العرب "المتغربنين" الذين انخرطوا في تلك البلدان، وبدلاً من أن يوضحوا الحقيقة أكثر كان جزءٌ كبير منهم متواطئاً مع الصورة الضبابية التي

محيطنا الشرق أوسطي محل تلاقي مصالح وتحديد مصائر الدول

أراد الآخر تروجيها في عقر دار المتغربنين، ولا يعاب في ذلك ما دام سيحظى بفرص لتحسين وضعه الاجتماعي والمادي بمجرد العودة بشهادة من هناك !


لا أفضل -ممن تحدث عن أزمة الغرب والعرب- من إدوارد سعيد في كتابه "الاستشراق" الذي عرّى التحيُّز الخفي والمستمر والذي محورُه تفوق الحضارة الأوروبية ضد الشعوب العربية الإسلامية وثقافتها.


ولكن العالم تغير فعلاً اليوم وتبدلت معه موازين القوى ما بين الشرق والغرب، ليصبح محيطنا الشرق أوسطي محل تلاقي مصالح وتحديد مصائر الدول، ومنه تظهر القوى الخليجية المؤثرة في المشهد ككل بدءاً من الحكمة والحنكة السياسية وصولاً إلى امتلاك أدوات العصر ومفاتيح أسواق الطاقة.

لكن يبقى الحذر السياسي واجباً في منطقتنا بعدم إفلات القبضة عن مصالحنا التي نحن أدرى بها من الآخر، وها هي روسيا بعظمتها وتاريخها كإمبراطورية صبرت 30 عاماً للوصول إلى اتفاق مع الـ (ناتو)، يضمن أمن “أوروبا” بشكل كامل ومتساوٍ بين الأمم المختلفة، لكن الـ (ناتو) لم يُقابل “روسيا” إلا بـ”الخداع والأكاذيب، ومحاولات الضغط والابتزاز" على قول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين!

نظرة فاحصة على التاريخ من أزمة “القِرم” إلى صراعات الشرق الأوسط، ومن “فلسطين” إلى “العراق وسوريا” تكفي لتكشف مَن وراء كل العمل الممنهج بتواطؤ استخباراتي وإعلامي؟