الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الأزمة الأوكرانية.. وازدواجية المعايير الغربية

لا يختلف اثنان عن المعاناة البشرية التي تولدها أي حرب، ومن ضمنها الحرب الأوكرانية الحالية، ولا على خرق أي دولة لسيادة دولة أخرى متجاوزة للقوانين والأعراف الدولية، إلا إن كان هناك مسوغ قانوني كقرار من مجلس الأمن، فالخلافات لها سبل وقنوات تحل عبرها، قد تصل لقطع العلاقات تماماً ما بين الدول، لكن لا نتيجة محتومة لأي حرب إلا الدمار وإزهاق الأرواح.

في المقابل لا يمكن للمرء سوى أن يمتعض من بعض العقوبات الاقتصادية التي أوقعتها بعض الدول الغربية، ليس على روسيا وحدها، وإنما على بعض مواطنيها، حتى بات يخيل أن كل من يحمل الجنسية الروسية مجرم! هنا انتشرت كراهية مقيتة لعرق لم نشهد مثيلاً لها في تقديري منذ حرب البوسنة.

أتفهم أن تطبق العقوبات على الدولة الروسية من قبل الغرب، وعلى الشركات التابعة لها، بهدف تجفيف موارد الدولة لثنيها عن عملها العسكري في أوكرانيا، ولدفعها للتراجع عما همت إليه، أو للجلوس بجدية على طاولة المفاوضات، لكن أن تتبع العقوبات كل صاحب مال يحمل الجنسية الروسية فذلك يشكل سابقة، شبيهة باستهداف هتلر لكل ما هو يهودي.

أن تتبع العقوبات كل روسي صاحب مال فتلك سابقة، لا يشبهها إلا استهداف هتلر لكل ما هو يهودي

من المستهجن أن الغرب يحاول تصدير فجوره في استهداف الأفراد الذين لم يثبت تورط ارتباطهم مع الحكومة الروسية إلينا، سواء كان ذلك عبر ضغوط دبلوماسية لتجميد ومصادرة ثرواتهم، وأوصد الأبواب في وجههم إن شرعوا في اللجوء إلينا حيث الأمن والأمان، أو عبر حملة إعلامية شعواء انخرطت فيه معظم منصاتهم الإعلامية لتصوير البلاد وكأنها ملاذ لكل فار من العدالة.

نحن لسنا بحاجة لتنظير غربي لنعلم ما هو التصرف الأخلاقي والقانوني في وضع كهذا، كل من يحترم قوانيننا وليس ملاحق دولياً مرحب به هنا، أما العقوبات الأحادية فلا مكان لها هنا إلا إن اقتنعنا بها وبمسبباتها، فنحن أدرجنا جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب، ولاحقنا أصول كل من ينتسب إليها، لكنه كان قراراً أحادياً لا نتوقع لكل دول العالم أن تتبعه، ونتفهم ذلك.

الأفعال غير القانونية لا مفر من إنقلابها على ساحرها يوماً ما، فحتماً سينقشع غبار الأزمة وسترفع كثير من القضايا ضد الجهات التي جمدت وصادرت أموالاً وأصولاً بقرار سياسي فقط دون أي مسوغ قانوني. رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير قرع طبول الحرب في يوم ما، وزج بدولته في عدوان غاشم على العراق، لكن دارت الأيام ليحاسبه البريطانيون أنفسهم في مسائلة علنية مهينة، فماذا عمن لا يتمتع بالحصانة ضد المسائلة.. وثم العقاب؟