الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تونس.. وصندوق النقد الدولي

5 أيام فقط من عمر الدولة التونسية ببعديه السياسي والاقتصادي، كشفت عن التداخل الملحوظ بين صناعة القرار الداخلي، وبين تأثير المنظمات والمؤسسات المالية عليه، بما يوحي بتوجّه تونس نحو مزيد من الصعوبات، قد تعيدها إلى تكريس أوضاع صعبة ستتحكم فيها الأوضاع المعيشية، أكثر من القرارات السياسية.

بداية الأيام التونسية الخمسة كانت مع نهاية الزيارة التي قامت بها" بعثة صندوق النقد الدولي" إلى تونس ما بين 23 ـ و25 مارس الماضي، ونهايتها كللت بإعلان الرئيس التونسي قيس سعيد ـ الأربعاء الماضي 30 مارس 2022 ـ حلّ مجلس النواب بعد 8 أشهر من تعليق أعماله وتوليه كامل السلطة التنفيذية والتشريعية في يوليو 2021.

قد سبق للرئيس قيس سعيد أن أعلن في نهاية العام الماضي( 2021) عن رزنامة سياسية تتضمن استشارة وطنية إلكترونية بدأت مطلع العام الحالي وانتهت في 20 مارس الفائت، وشارك فيها حوالي نصف مليون تونسي، تضمَّنت الإجابة عن أسئلة تتعلق بالنظام السياسي في البلاد، وعن مواضيع أخر تشمل الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

تونس لا تملك خياراً آخر، كونها تواجه أزمة اقتصادية خطرة بديون تزيد عن 100% من الناتج المحلي



تسعى تونس للخروج من أزمتها الاقتصادية ــ الاجتماعية الحادة، من خلال تحقيقها لطلب مساعدة جديد من صندوق النقد الدولي، تقدمت به في نوفمبر الماضي، وخلال الشهور الأربعة الماضية جرت مناقشات واسعة بين تونس والصندوق، اشترط فيها هذا الأخير أن تكون القروض مقترنة ببرنامج إصلاحات اقتصادية وبنيوية، منها: حلّ اختلالات الاقتصاد الكلي بشكل مستدام، وضرورة رفع أي دعم، وإعادة توجيهه مرة أخرة للفئات الأقل دخلاً، وهذا يمثل الشرط الأساسي للصندوق في علاقته مع تونس منذ بدأت في العام 1986.


وفي هذا السياق صرح" جيروم فاشيه"، ممثل صندوق النقد الدولي في تونس، الأسبوع الماضي، قائلاً:" إن على تونس الساعية للحصول على مصادر تمويل دولية، القيام بإصلاحات عميقة جدّاً، لا سيما خفض حجم قطاع الوظيفة العامة، الذي يبلغ أحد أعلى المستويات في العالم".

كل هذه الشروط، سببها خوض تونس تجربة إصلاح اقتصادية جديدة مع صندوق النقد الدولي، هذا العام، للحصول على قرض جديد بقيمة 4 مليارات دولار، في حلقة جديدة من رحلة الاقتراض، التي تضخمت السنوات الأخيرة.

ولأن تونس لا تملك خياراً آخر في الوقت الراهن، كونها تواجه أزمة اقتصادية خطرة مع ديون تزيد عن 100% من الناتج المحلي الإجمالي وتضخم مرتفع، فهي ستوافق على شروط الصندوق، وهذا له تأثيره على الجبهة الاجتماعية، الأمر الذي جعل المراقبين يتوقعون اتجاه تونس نحو زيادة الأزمة بأبعادها الثلاثة: الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية.