الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الاعتذار الأمريكي للإمارات 1-2

الاعتذار ثقافة الأمم المتحضرة ودليل رقي الأخلاق وسموها، فالاعتذار عن شيء فضيلة أخلاقية مقدرة تُعلي من شأن صاحبها، لكن ربما هناك أراء آخرى مغايرة عن ثقافة الاعتذار في السياسة، وهي التي تؤديها الدول وليس الأفراد. فهل هي في هذه الحالة خُلق رفيع وفضيلة وسلوك محمود، أم أن للاعتذار السياسي أدبياتٍ مختلفةً وتفسيراتٍ بعيدةً عن التقويم الأخلاقي؟
في بعض الأحيان- كما يقول جبران خليل جبران- الاعتذار لا يعني أنك على خطأ فقط، بل يعني أنك تُقدر العلاقة مع الآخرين وتمنحها أهمية، لكن في رأي الأديب الكبير نجيب محفوظ أن هناك من الأخطاء ما لا يُجدي معه الاعتذار. كما أن آخرين يعدون الاعتذار المتأخر- مهما بلغت كلماته- مثل القهوة الباردة التي لا طعم لها.

لكن عموماً هناك اتفاق، تماشياً مع الحكمة القائلة: «أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً».. فإن الاعتذار- حتى لو جاء متأخراً- اعتراف من صاحبه بالخطأ والرجوع عنه.

من هنا كيف نفسر وأين نضع الاعتذار الأمريكي المتأخر لدولة الإمارات العربية المتحدة عن هجمات الحوثيين الذي وقع في مطلع العام الجاري ودارت حوله شكوك كثيرة.

تزايد عمليات الاعتذار العام- خاصة بين الدول- يدفع إلى التساؤل عن سبب كثرة هذه الاعتذارات وسبب حدوثها في الوقت الراهن تحديداً.



مثل هذا الاعتذار الذي كشف عنه موقع «أكسيوس» الأمريكي وتقدم به وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أثناء لقاءٍ عُقد، مؤخراً، بالمغرب لتأخر بلاده عن إدانة هجمات الحوثيين، دفع كُتاباً سياسيين إلى تناوله في إصدارات ودراسات عدة فيما سُمي بأدبيات الاعتذار السياسي، وهو اسم كتاب للمؤلف جيرما نيجاش صدر عام 2009 يناقش فيه سؤالاً يتعلق بما إذا كان من الممكن للدولة أن تنجح في أن تقدم اعتذاراً، وما القيود السياسية والأخلاقية الموجودة على تصُّرف من هذا


القبيل؟

إن تزايد عمليات الاعتذار العام- خاصة بين الدول- يدفع إلى التساؤل عن سبب كثرة هذه الاعتذارات وسبب حدوثها في الوقت الراهن تحديداً.

يرى المؤلف أن ثمة ثلاثة عوامل فلسفية تفسر هذه الظاهرة بصورة دقيقة: يتعلق الأول بالليبرالية وأفكار وممارسات تعزيز السلام بين الأمم. ويتعلق الثاني بحركة الدول وممثليها لأداء دور ساعي سلامٍ نَشِطٍ، وذلك بطرائق تختلف عن المنهج التقليدي في تسوية النـزاعات.. ويتعلق الثالث بالنظرية الأخلاقية وبالطرائق المختلفة التي تتألف من خلالها الجماعات ذات المصالح المشتركة.
لكن.. هل الاعتذار الأمريكي يحمل جديداً، على صعيد العلاقات مع الإمارات؟ وهل هو مجرد اعتذار؟ أم يحمل في طياته اعترافاً بصفحة جديدة في العلاقات بين الدولتين في إطار عالم متغير؟ وللحديث بقية.