الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الحذر.. وتقييم المشهد العراقي

عند تقييم الوضع السياسي العراقي علينا أن نكون حذرين، فخلال متابعتي لهذا الملف منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة (أكتوبر 2021) وجدت أنه من الصعب الثقة بموقف سياسي معين، وكأن قاعدة «الثابت الوحيد هو التغير» تنطبق على هذا المشهد بالذات.

عرف الناس بعض سياسي العراق في فترة ما بعد 2003 بأنهم لا يثبتون على مواقفهم ولا يمكن ضمان وعودهم لفترة طويلة، بل الصفة الغالبة هي «الانقلاب» على آخر موقف، لكن خلال الفترة الحالية هذا التغير بات الجميع يفضله!
فما بين الآمال الكبيرة التي رافقت الانتخابات التشريعية وسرعة اختيار رئيس مجلس النواب -محمد الحلبوسي- وإلى الأمل بحكومة عابرة للطائفية من خلال كتلة (إنقاذ وطن) رجعنا إلى حالة اليأس بسبب الانسداد السياسي في عدم القدرة على اختيار رئيس العراق، بسبب الخلاف بين الحزبين الرئيسيين الوطني الكردستاني والديموقراطي الكردستاني فمواقفهما متباعدة.

الروح الوطنية ستعود، لأن العراق أكبر من كل التحديات، وسنرى العراق الذي يريده شعبه ويتمناه إقليمه

أهم تطور حصل منذ 2003، أن الروح الوطنية العراقية عادت مما قلل من الانتماءات الصغيرة، وتأثير الإسلام السياسي تراجع كما تراجع النفوذ الإيراني، ولهذا التطور عدة رسائل لمن يريدون أن يقودوا العراق مستقبلاً، وهي: أن استقرار العراق مهم للداخل وللمنطقة وبالتالي على الجميع العمل وفق هذه الرؤية، وأن العراقيين وحدهم القادرون على ترتيب عودة العراق ليمارس دوره الحضاري والإنساني، وأن حالة التنوع العرقي والديني والمذهبي هي أساس قوة العراق، وأن من يحاولون التدخل في شأنه لن يطول أمرهم كثيراً ليجدوا أنفسهم وقد خرجوا بلا نتيجة.

الخلاف السياسي الحالي ليس بسبب عدم وجود الإرادة السياسية للنهوض بالعراق الذي جاء برؤية مختلفة بعد عام 2005، وإنما هناك مصالح خاصة وبعضها مرتبطة بأدوار إقليمية ولكن انحسر ذلك مقارنة بفترة ما قبل ثورة تشرين 2019 التي اعتبرت أنها مرحلة جديدة في تاريخ العراق، ثم بمجيء شخصية وطنية أعادت شيئاً من العراق (مصطفى الكاظمي) الذي ركز على بناء دولة المؤسسات ويطمح لأن يعمل الكثير وهو قادر لتملّكه أسباب النجاح في الداخل فهو صاحب رؤية وطنية.

القلق حالياً في أن يفشل الجميع في الاتفاق على شخص الرئيس القادم، ومن ثم عدم قدرة الكتلة البرلمانية الكبيرة في تشكيل حكومة وطنية جديدة، أما الروح الوطنية فيبدو أنها ستعود لأن العراق أكبر من التحديات مما سيؤدي لأن نرى العراق الذي يريده شعبه ويتمناه إقليمه ويسعى له كل المحبين للسلام.

الظروف الدولية والإقليمية مواتية لأن يعود العراق ليمارس دوره، ويبقى على سياسييه أن تنزل عليهم قناعة العمل من أجل العراق.