الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإعلام العربي.. دعونا نبدأ معاً



في نهاية عام 2010 أجريت مقابلة صحفية مع مسؤول عربي بارز، تطرقنا وقتها لكافة القضايا الكبرى المتعلقة بالمنطقة العربية والعالمية، ولا سيما أنه خلال تلك الفترة كانت الضغوط في أوجها على الأنظمة العربية من أجل التحول نحو الديمقراطية.

اللافت في الأمر وقتذاك طلب المسؤول عدم نشر معظم الفقرات المهمة في الحوار، لدرجة أنه كان يطالبني بإغلاق «التسجيل» قبل الشروع في الإجابة عن التساؤل الراغب في عدم نشره، ومن ثم جاء الحوار «مشوهاً». تذكرت هذه الواقعة، وغيرها الكثير من الوقائع مع بعض الانتقادات التي توجه للإعلام العربي، بأنه ليس على مستوى التحديات التي تواجهها الأمة العربية. يقيناً أن الإعلام العربي «لا يؤثر ولا يتأثر» بما يدور في محيطه، وأنه شهد تراجعاَ ملموساً خاصة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، حيث غابت المعلومات بالغة الأهمية، والتحليلات العميقة، وكذا الرؤى التي تستشرف المستقبل، وبات خطابه أشبه بمن يحرث في الماء، في وقت يعج العالم بقضايا ذات انعكاسات كبيرة على واقعنا العربي. لكن السؤال هل الإعلام وحده يتحمل المسؤولية فيما آل إليه الحال، أم أن المسؤولية مشتركة بين الإعلام والمسؤولين؟


الإعلام القوي يرفع مناعة العقول في مواجهة محاولات الاختراق



إذا كان الجزء الأكبر يتحمله الإعلام الذي يلهث وراء الترند في زمن السوشيال ميديا، فإن هنا نصيباً لا بأس به يتحمله المسؤول العربي، لأنه لا يمتلك شجاعة المجاهرة بالمعلومات حينما يلجأ إليه الإعلام، وفي أفضل الأحوال يذكر المعلومة غير أنه يشترط عدم النشر، ما يضع الصحفي أمام صراع مؤلم بين الحفاظ على مصداقيته أمام المصدر، وحق القارئ في معرفة المعلومة. أضف إلى ذلك أن غالبية المسؤولين العرب يعانون من عقدة الخواجة، بمعنى أن الإعلام العربي يحصل على المعلومة عن أوضاعنا العربية من وكالات الأنباء والمواقع العالمية، أي إن الآية معكوسة.. هل هذا يستقيم؟ كم طلب من وسيلة إعلامية عربية على مكتب المسؤول العربي من أجل إجراء مقابلة إعلامية أو لقاء صحفي، ولا يتم الالتفات إليه، في المقابل يلهث المسؤول هذا أو ذاك خلف الوكالات والفضائيات العالمية، من أجل إجراء المقابلة ودون شروط مسبقة.

قد يبرر بعض المسؤولين ذلك بأن التصريح أو المعلومة التي يجود بها للإعلام العالمي تسري كالنار في الهشيم، لما تحظى به هذه الوسائل من قوة انتشار، لكن ليس هذا مبرراً كافياً، لأن هناك مسؤولية على عاتق المسؤول، فالإعلام حجر زاوية في البيت العربي، وقوته من قوة المؤسسات الوطنية.

لعل حالة الجدل هذه تكون فرصة مواتية للمصارحة حتى تتسنى عودة الإعلام إلى موقعه اللائق على خريطة المؤسسات العربية. فالإعلام القوي يرفع مناعة العقول في مواجهة محاولات الاختراق، ومنطقتنا العربية في السنوات الأخيرة أحوج ما تكون إلى تحصين العقول.. فدعونا نبدأ معاً