الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«القوة القَاهِرة» في ليبيا.. نفط وسياسة

أحداث العنف الأخيرة التي وقعت في ليبيا، وتحديداً في «الزاوية» يومي 22 ـ 23 أبريل الجاري، اكتست أهمية متابعتها -رغم سقوط ضحايا- من كونها أثرت على إنتاج البترول في «مجمع الزاوية النفطي»، فقد جاء في بيان المؤسسة الوطنية للنفط الليبية على موقعها الرسمي، الآتي: «تشير الإحصاءات الأولية إلى تضرر 29 موقعاً من ضمنها خزانات المشتقات النفطية، وخزانات أخرى متعددة».

وتعتبر «مصفاة الزاوية» ثاني أكبر مصفاة لتكرير النفط في ليبيا، وتصل قدرتها الإنتاجية إلى 120 ألف برميل يومياً، وقد «سبق لمجمع الزاوية النفطي أن تعرض إلى أضرار جسيمة ومتكررة نتيجة الاشتباكات المسلحة التي حدثت بجواره خلال السنوات الماضية الأمر الذي أدى ولا يزال يؤدى إلى تعريض حياة المستخدمين للخطر ويهدد سلامة العمليات وسلامة الأصول والمنشآت»، كما ذكر البيان السابق.

سيجد سياسيو ليبيا أنفسهم مضطرين أمام الضغط الدولي لمواصلة حروبهم بعيداً عن حقول النفط

أحداث الزاوية الأخيرة هي جزء من وقائع متتالية منها ما هو متعلق بالعمل في حقول النفط، مثل إضراب العمال، ومنها ما هو ناتج من العمل العسكري والتهديدات الأمنية من مليشيات تابعة لأحزاب سياسية أو لقوى خارجية، ونتيجة لذلك شهدت ليبيا خلال الأيام القليلة الماضية موجة من الإغلاقات لحقول وموانئ النفط في جنوب وشرق البلاد، ما اضطر المؤسسة الوطنية للنفط إلى أمرين:

الأول: «مطالبة الجميع بضرورة ضبط النفس وإبعاد المنشآت النفطية عن أي أعمال مسلحة من شانها أن تعرض حياة العاملين للخطر وتضر بالبنية التحتية لقطاع النفط المتهالكة أصلاً»، وهذا مطلب قديم متجدد.

الأمر الثاني: إعلان حالة «القوة القاهرة» وتوقف الإنتاج، وذلك لتوفير حماية قانونية لمواجهة الالتزامات والمسؤولية الناشئة عن توقف أداء العقود النفطية، نتيجة أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد.

قبل إعلان القوة القاهرة، تراجع إنتاج لبيبا من البترول بـ400 ألف برميل يومياً، حسب ما جاء في تصريح لوزير النفط الليبي، علماً بأن إنتاج ليبيا من النفط يبلغ 1.2 مليون برميل يومياً، بحسب أرقام حكومية.

وإذا كان قطاع النفط، الذي هو شريان الحياة للدولة الليبية، إذ يوفر 97% من إجمالي الدخل القومي للبلاد، فقد عُمل بخيار «القوة القاهرة» لحمايته في انتظار انتهاء الحرب، حيث إن السياسيين في صراعهم من أجل السلطة سيجنون تبعات خيار مؤسسة النفط الوطنية، وسيجدون أنفسهم مضطرين أمام الضغط الدولي لمواصلة حروبهم الأهلية بعيداً عن حقول النفط، مهما كانت التكلفة البشرية، التي لا تعني الكثيرين منهم، كما لم تعد تحظى بنفس الاهتمام السابق دوليّاً، ما دامت الحرب في أوكرانيا لم تضع أوزارها بعد.