السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مستقبل الإمارات «ما بعد إكسبو دبي»

شارك «مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة»، في معرض أبوظبي الدولي للكتاب (23 ـ 29 مايو الجاري) بإصدار جديد حمل عنوان «ما بعد إكسبو دبي»، ضمن منشوراته البحثية المؤسسةـ معرفيّاً ومنهجيّاً ومعلوماتياًـ والمعروفة بـ«سلسلة كتب المستقبل».

أهميّة هذا الكتاب تكْمُن في أمرين، الأول: يتعلق بالأفكار المطروحة في صيَغِها النظريّة، استناداً لما تحقق على المستوييْن السياسي والاقتصادي، والتي جاءت موضّحة في ثلاث قضايا كبرى، هي: «تعزيز قوة الإمارات النّاعمة»، و«آثار اقتصادية ممتدة»، و«استراتيجيات مبتكرة»، وقد بيّنتْها الفصول الأربعة للكتاب.

والأمر الثاني: يخصُّ المشاركين في هذا الكتاب (خمسة باحثين، ومُحَرّرَيْن) لجهة إحداث نقاش بينهم من منظور علمي، حيث الشَّراكة في مدِّها البحثي، تنطلق عبْر بعدها الزمني من الحاضر صوب المستقبل، وفي مجالها البحثي تركز على قضايا مرتبطة ببعضها، هي نتائج دالَّة على توقعات سابقة تحققتْ، وأخرى واعدة ووشيكة الحدوث، متخطيّة الطرح الدعائي للاستشراف كما هو في كثير من مشاريع السياسات العربية إلى تأكيدهـ الاستشرافـ من حيث هو حقائق.

الإمارات تحقق اعترافاً من الآخر لم يعد قائماً ـ كما في البدايات ـ من ذهابها إليه وإنما تمَّ من خلال مجيئه إليها

إن النظر لمستقبل الإمارات من خلال القضايا الثَّلاث سابقة الذكر، يَشي بمواكبة لصناعة القرار في مختلف المجالات، مواكبة تحمل طابع الاستمرارية، متجاوزة العوائد الراهنة للفعْليْن السياسي والاقتصادي، حيث الحضور الآني للقوة النَّاعمة، كما هي مُجسَّدة في الثقافة من حيث هي كلٌّ شاملٌ ومركبٌ، ومتجدد.

وإذا كان من المبكر توقع نتائج تأثير القوة الناعمة لدولة الإمارات على مستوى المشاركة في الحقل العلمي للثقافة، زراعةً وحصاداً، في المستقبل المنظور، رغم الكم الهائل من الإنتاج الثقافي، معنوياً وماديّاً، فإن نتائج تلك القوة بدت جليّة في العَمَليْن الدبلوماسي والإنساني.

الحالُ تلك أنتجت منظومة قيم جديدة على مستوى العلاقات الدولية، جعلت الإمارات تحقق اعترافاً من الآخر، لم يعد قائماً ـ كما في البدايات ـ من ذهابها إليه، وإنما تمَّ من خلال مجيئه إليها، في تجربة هي بنت زمانها وعصرها، وإن كانت خارج سياقها العربي.

من ناحية أخرى، فإن الاهتمام بالتجربة الإماراتية ـ في سياقاتها المحلية والإقليمية والقومية والدولية ـ سواء أكان دراسة أو حتى متابعة إعلامية، لن يظل مقيّداً بأغلال التبعيَّة لجهة تحريكه من صانع القرار، حيث يتقدم الفعل السياسي في منجزه عن المجالات الأخرى، بما فيها الاقتصاد، وإنما سيتّخذ طابعاً جديداً، قد يكون أقرب إلى السير معه على خطٍّ مُوازٍ، أو على الأقل تقليص المسافة الفاصلة بينهما، وأحسب أن كتاب «ما بعد إكسبو دبي»، جاء في هذا السياق بتقديمه قراءة تحمل إضاءة لما ستكون عليه الإمارات في المستقبل القريب.