الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الثورة الأنيقة جداً

يزرع الفرنسيون أصيص الزهر والزرع عند شبابيك بناياتهم، فتعلم اللبنانيون كيف يفعلوا ذلك، حينما تتجول في عدد من القرى الفرنسية، يمكنك أن تشعر بأن ثمة شيء مشترك بين هذه القرى الخضراء وبين الضيع والقرى اللبنانية، ليس فقط لون السماء.. إنما تلك الرائحة التي ستعبئ صدرك من روائح الورد والتين.
يتكلم اللبنانيون اللغة الفرنسية بطلاقة، ويتباهون بذلك في أحاديثهم اليومية، وهذا التقارب الفكري والحياتي بينهم وبين الفرنسيين جعل العديد من اللبنانيين يفكرون دوماً في الهجرة إلى فرنسا، وخاصة إبان الحرب الأهلية، هذه الصورة القصيرة التي تحدثت بها عن الشعبين، كل ما كنت أرجو أن أقول إنه حينما فكر الشعب اللبناني أن ينتفض، لم تكن انتفاضاته تشبه مطلقاً ما حدث في باريس العام الماضي، فعلى سبيل المثال تعرض أهم شارع في فرنسا وربما في العالم كله «الشانزليزيه» إلى الحرق والتكسير وتهشيم واجهات المحال والمقاهي وحتى الفنادق، كنا نشعر بالحزن ونحن نرى كيف تشتعل الحرائق في أجمل المقاهي التي لطالما أمضينا بها أوقاتاً سعيدة، ووضعنا أيدينا على قلوبنا خوفاً من أن يصيب المتاجر العالمية ما أصاب المقاهي، حينما احتج الفرنسيون لم يهتموا بالبقاء على جمال هذا الشارع، بل تعمدوا تدميره بمختلف الأدوات التي كانوا يحملونها معهم.
وحينما قامت الثورة اللبنانية، لم نكن نعلم جيداً ما الذي يمكن أن يقوم به الشعب اللبناني، لكن العالم كله فوجئ بهذه الثورة التي كانت مختلفة تماماً عن جميع الثورات التي حدثت في العالم كله، كانت ثورة أنيقة جداً، خرج المتظاهرون يرقصون ويغنون، ولم نسمع أو نشاهد أياً من المحال وقد تحطمت أو تم حرق كراسي المقاهي.