الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

متعة القراءة

تمر بدولة الإمارات العربية المتحدة فعالية ثقافية عظيمة، هي معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يعتبر من الملتقيات العالمية الكبرى للعلم والفكر والثقافة، فالمعرض يحظى بمتابعة مباشرة من العالم المثقف البارع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فهو الذي يقود المعرض بفكره ودعمه ليكون الحدث الثقافي الأبرز في المنطقة، كما أن المعرض يجمع دور النشر من مختلف بلدان العالم.

زيارة واحدة للمعرض تبين حجم الجهد المبذول لإنجاح هذا الملتقى الكبير والحدث الثقافي الجميل، ولا يعرف لذة تصفح الأوراق الصفراء والبيضاء للكتب إلا من له صلة مباشرة بالكتب، والمقارنة ستكون جائرة جداً بين لذة فتح الكتب وتدوين الفوائد وكتابة التعليقات عليها وبين قراءة الكتب من خلال الأجهزة الإلكترونية، فلا مجال أبداً للمقارنة بين الطريقتين.

بالقراءة تتلاقح العقول ويطّلع القارئ على تجارب عظيمة لآلاف العقول قبله وفي عصره، وبها نتعلم تعاليم الإسلام، وسيرة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وبالقراءة نتعرف على سير العظماء الكبار كالخلفاء الراشدين والصحابة الطيبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبالقراءة نقف على جوانب من سيرة عمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد وصلاح الدين وغيرهم من زعماء التاريخ الأفذاذ، وبالقراءة نقف على معاناة البشر وأحزانهم وهمومهم وأتراحهم، خاصة في كتب السير الذاتية.. ولا أخفيكم أني تأثرت جداً لما قرأت سيرة ذاتية لأحد المكيين المعاصرين وهو يتحدث عن نشأته بعيداً عن أمه، وطفولته الصعبة فتأثرت بهذه السيرة الذاتية الرقيقة.


وبالقراءة نقف على طرق التفكير وتجارب الأمم، كيف تقدمت وكيف سقطت؟، ونتعلم أيضاً جوانب جميلة في الأدب والفكر والثقافة، ففي شعر أبي تمام والبحتري والمتنبي وأدبيات الرافعي والمنفلوطي وأبيات أحمد شوقي، فوائد تطرب القلب ويعيش معها في متعة عظيمة جداً.


ومن خلال القراءة نتعلم جيداً ضرورة تحصين الأجيال الناشئة من خلال الكتب المناسبة لتفكيرهم وأعمارهم من شر الأفكار المتطرفة بجميع صورها وأشكالها، فكم من فكر متطرف تسرب إلى بعض الصغار بسبب كتب مشبوهة مسمومة، فلابد من عمل مضاد لتحصين أولادنا من الغلو والتطرف، فبعض العقول المريضة متربصة بالناشئة والصغار لتفسد عليهم دينهم وإيمانهم، وتوقعهم إما في تطرف وغلو وتكفير أو تفلت وانحلال وإلحاد.