الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الشائعات.. السلاح الخفي!

وضع العالمان الأمريكي إليوت غوردون وتلميذه الروسي ليو بوستمان ـ مختصان في علم النفس ـ معادلة مثيرة لقياس قوة الشائعة تقول: «ق ش=أ X غ» أي إن قوة الشائعة تساوي الأهمية في الغموض، كما أن قوة الشائعة تساوي الزمن في مجتمع الشائعة، فيما أضيف للمعادلة لاحقاً الاستعداد النفسي لتقبلها، وبذلك تكون حتى الشائعات قد خضعت لقياس رياضي يسهّل فهمها، ومن ثم إعادة تدويرها وترسيخها إن كانت موجهة من قبيل تلك التي تستخدم في الحروب أو التي تطلقها الأنظمة والمنخرطون في اللعبة السياسية.

جميعهم بدون استثناء استخدموها ولن يكف أحد حتى في أكثر المجتمعات تحضراً وصدقاً، فالطبيعة البشرية بما فيها من عنصر غالب يميل للثرثرة والنميمة؛ ستبقى وقوداً لوجودها، كما أن عوامل أخرى لا بد أن تكون مهمة لبقائها وأبرزها الفضول البشري تجاه الآخرين والأحداث، وهو ما يقودهم للرغبة في استطلاع الأمور التي تشكل للبعض - وربما من النساء أكثر- متعة خاصة كتلك التي يمارسها قارئ وقعت بين يديه رواية فجلبت اهتمامه حتى تركها وقد قرأها كاملة رغبة منه في معرفة نهايتها.

لقد عمد الألمان وكذلك الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية إلى الاستفادة من سلاح الشائعات بإرباك الخصم وتحطيم معنويات جيشه، ويقال إن وزير الإعلام النازي غوبلز كان من أكثر من أجادوا استخدامها، ففي أحد ما روي عنه أنه أوعز لأجهزته الدعائية أن تنشر على نطاق واسع ومؤكد أن هاينريش هيملر أحد أبرز زعماء الحزب النازي ومن أكثر المقربين لهتلر قد تم القبض عليه ومحاكمته، وذلك بعد أن زعم الحلفاء سابقاً مقتل عدة قادة نازيين، فعمد لهذه الإشاعة التي نسفت ادعاءات الإعلام المضاد حين ظهر هيملر بعد ذلك وأفقدهم مصداقيتهم.


الشائعة التي تم تعريفها على أنها خبر مختلق أو به جانب قليل من الحقيقة أو مبالغ به ومطعم بجزئيات كاذبة أو حتى صحيح وفُسر بشكل مغاير لحقيقته؛ تعتمد قوتها ونجاحها على عناصر مهمة، ومنها البيئة التي انطلقت بها وحجمها ومدى احتوائها على أجزاء رئيسة صحيحة منها تضفي المصداقية عليها، وطبيعة المتلقي وثقافته وخلفياته المعرفية والاجتماعية والسياسية والظرف والزمان والمكان التي أطلقت بها والهدف منها، الذي ربما يكون نابعاً من ثقافة القيل والقال لجمهور ما أو غاية مدروسة وموجهة بقصد تضليل الرأي العام، ولخدمة أفراد وجماعات تسعى لتحقيق هدف شخصي مع مضرة لغريم، كما تعمد بعض الأحزاب السياسية أثناء المناسبات الانتخابية معتمدة على المثل الشعبي القائل «العيار اللي ما يصيب يدوش»!