السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

ضلالات الدلالات!!

من إبداع الخداع إسقاط الدلالات الحديثة للكلمات على ألفاظ القرآن والسنة، فاللفظ قد يكتسب مع الزمن دلالة تخرجه تماما عن معناه، فمعنى الصلاة الدعاء، ومع الوقت اكتسبت الكلمة دلالة جديدة صارت هي المعني، فالصلاة الآن تعني فرض الصلاة، وهذه الإشكالية الخاصة باختلاف الدلالة عن المعنى هي المسؤولة عن الكوارث العربية والتفسيرات المختلفة والمتضادة للقرآن والسنة، حتي صار لدينا ألف قرآن وألف سنة.

وإذا سلمنا بأن التوراة والإنجيل قد تعرضا للتحريف، فإن القرآن الكريم بقي كما هو بنصوصه لكن حرفت معانيه، وهو الأخطر، فالنص كما هو لكنه الهوى، وهكذا نشأت الفرق والطوائف والمذاهب ووجدنا أنفسنا أمام ألف إسلام، وألف قرآن، وألف سُنة، بهوى الدلالات الحديثة.

خذ مثلا كلمة التغيير التي نستخدمها كثيرا الآن كتبرير للفوضى والعبث والتخريب والتدمير مثل قولهم تغيير نظام الحكم أو تغيير القانون، فالدلالة الحديثة لكلمة التغيير عندنا هي التبديل، فيما اندثر المعنى الحقيقي وهو الإفساد أو الإزالة، والمأساة أننا طبقنا الدلالة الحديثة على القرآن والحديث فاكتسبت الآيات والأحاديث معاني مضادة لمقصدها ووقع في الفخ علماء ودعاة كبار.


فعندما تراد الثورة أو الإصلاح يقولون: " إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم"، فيقال أن الآية دعوة إلى الثورة والإصلاح، بينما الآية تعني التحذير من الإفساد والإزالة، والمعنى أن الله تعالى لا يفسد ولا يزيل ما بقوم حتي يفسدوا أو يزيلوا هم ما بأنفسهم، وهناك آية أخرى تؤكد ذلك بوضوح "وما كان الله مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتي يغيروا ما بأنفسهم "، أي أن الله تعالى لا يزيل النعم عنا إلا إذا أزلناها نحن.


وفي الحديث الشريف:" من رأى منكم منكرا فليغيره"، أي يزيله أو يفسده لا أن يبدله بمنكر آخر أو معروف، وفي الجنة أنهار من لبن لم يتغير طعمه أي لم يفسد، وحروف (الغين والياء والراء) بأي صيغة أو مبني تعني دائما الفساد، فالغيرة فساد الطبع ويقال تغير السلطان على فلان أي فسد ما بينهما... إنه باب واسع جدا ودخوله يبين إلى أي مدى نحن ضحايا إبداع الخداع وضلالات الدلالات!!