السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

عندما تحوّل الاجتهاد إلى إجهاض

إن اسقاط الدلالات الحديثة للألفاظ على نصوص القرآن والسنة الشريفة أدى إلى ما أسميه ابداع الخداع، وقاد إلى كوارث دمرت هذه الأمة تدميرا شبه تام، ووجدنا أنفسنا في حالة لغط ولبس وغموض وأنفاق مظلمة، لا يكاد المرء يرى فيها بصيص نور، وتحول الاجتهاد المحمود إلى إجهاد للأذهان، واجهاض لمقاصد النصوص الدينية الرفيعة والسامية.

ومن ذلك اللبس الذي وقعنا فيه لفظ بني إسرائيل، إذ ينصرف الذهن بمجرد سماعه أو قراءته إلى اليهود ودولة إسرائيل التي قامت على أنقاض فلسطين، ووقعنا في فخ نصبته إسرائيل عندما جعلت اسم سيدنا يعقوب عليه السلام على دولتها سارقة بذلك نبوة يعقوب، واستقر لدينا أن اليهود هم بنو إسرائيل وأن بنوة يعقوب قاصرة عليهم، وبهذا الخداع والزيف اخترع اليهود القاطنون في فلسطين حكايات مفبركة عن تاريخهم وأصالتهم في المنطقة العربية.

وعندما نقرأ قوله تعالى:«يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين»، نجد علماء ودعاة كبارا يفصلون الآية الكريمة على مقاس اليهود ويقولون: المقصود بالآية العالمين في زمانهم وليس الآن.. ونجد أن الآية الكريمة بمفهومنا لها تؤكد مقولة اليهود بأنهم شعب الله المختار.


والخلاصة، التي أريد أن تصل إلى ذوي الوعي، أنه ليس كل بني اسرائيل يهود وليس كل اليهود بني إسرائيل، ولو تدبرنا القرآن فسنجد أن الله تعالى ذكر بني إسرائيل في مواضع وذكر اليهود في مواضع أخرى، فقال تعالى:«لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا»، ولم يقل «بني إسرائيل والذين اشركوا».. وقال تعالى:«وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب..» ولم يقل وقضينا إلى اليهود في الكتاب"... فبنو إسرائيل مصطلح عرقي واليهود مصطلح ديني... بمعنى أن بني إسرائيل منهم مسلمون ويهود ونصارى... وأن بني اسرائيل ليسوا جميعا اليهود.


المؤكد أن بني إسرائيل هم أهل الشرق، وأن اليهود القادمين من الغرب ليسوا بني يعقوب الذي هو إسرائيل، وعندما أدعى اليهود في فلسطين أنهم بناة الأهرام المصرية حاججناهم بأسلوب خاطئ، وكان الأولى أن نقول: ربما يكون بناة الأهرام هم بني إسرائيل ولكنهم ليسوا اليهود أبدأ، إذ لم تكن التوراة أو أي من الكتب المقدسة نزلت إبان بناء الأهرام... وعندما قال أحدهم: أن اليهود سرقوا ذهب المصريين أثناء خروجهم من مصر، قلت له: أن الذين فعلوا ذلك هم بنو إسرائيل وليس اليهود.. والفهم الصحيح لهذه المسألة سيصوب أكاذيب كثيرة.. وسنتخلص من الإجهاض والإجهاد الذي نسميه اجتهادا!.