الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الخائن والكافر على رأس التنظيم

صار فى حكم المؤكد أن أبو بكر البغدادى حين طارده كلب أمريكى فى النفق أسفل البناية التى كان يختبىء بها قام بتفجير نفسه ومعه ولديه، فمن الناحية الدينية أقدم على الانتحار، الذى يعتبره كثير من الفقهاء والعلماء المسلمين “كفر”، وقتل ولديه معه أى أنه قابل وجه الله قاتلا ومنتحراً، ولو أخذنا برأى كثير من العلماء، كافر وقاتل.. ومن المعلومات التى أُخذت تترى أنه كان مستعد لهذه اللحظة وكان يتوقعها، تعرض لمحاولة اغتيال من داخل التنظيم ربيع هذا العام، ولا ندري هل أدرك فى لحظاته الأخيرة هوية من هاجموه، أي هل هي قوة أمريكية أم قوة عراقية وربما سورية أو من بين رجاله وتنظيمه.

ونعرف أن الذى وشا به وكشف أمره، هو أحد المقربين إليه، كان مدفوعا برغبة الانتقام من البغدادى لأسباب نعرف منها أن أفراد من أسرته قتلوا على أيدي التنظيم أي بأوامر من البغدادى نفسه، وفى سبيل الانتقام خان البغدادي بأن باعه وقبض الثمن بالدولار الأمريكى، ومن الولايات المتحدة التى يعتبرونها “الشيطان الأكبر” وبالتعبير المصرى الدارج “سلمه تسليم مفتاح”...

هذا ما جرى عند رأس التنظيم، باختصار التنظيم محكوم من أعلى بالكافر وبالخائن، فماذا نتوقع أو ننتظر منه وله، غير أن ينتهى على هذا النحو.


ما جرى فى داعش، جرى ويجري، فى مختلف التنظيمات المشابهة، أي المتشددة دينيا وفكريا، والأمثلة كثيرة وعديدة، باختصار تفتقد إلى روح الدين ومعناه الإنسانى والروحى العميق، فالدين لديهم مجرد قشرة من المظاهر والشكليات، تداري عوراتهم وأمراضهم النفسية وعقدهم وأحقادهم الإجتماعية والإنسانية، لذا ليس غريبا أن تقوم مثل هذه التنظيمات والجماعات بأعمال عنف وجرائم إرهابية، قتل واعتداء بأساليب وحشية وهمجية، وقد أسست هذه الجماعات لمبدأ “الاستحلال”، أي أن سرقة أموال وممتلكات الآخرين حلال لهم.


وفى كل جرائمهم لا يعجزهم أن يجدوا مبرراً أو فتوى لما يقومون به، وإذا كان البغدادى انتحر وكان جاهزا ومستعدا طوال الوقت لهذا المصير، فهذا يعنى أنه لم يجد فيه غضاضة ولا إثماً، بل لعله توصل إلى فتوى تجيز أو تبيح له ذلك، وربما تجعله من محاسن الأفعال.

هكذا هم دائماً يسوقون أغراضهم ومصالحهم ويبررون جرائمهم بذرائع فقهية ودينية، وفى كل تنظيم من تنظيماتهم هناك الخائن والكافر، ولذا فإن هذه التنظيمات عادة ما تتراجع وتذوب، ليتولد منها تنظيمات أخرى أشد سوءاً وأكثر إجراما.