«ويلي لومان» بطل مسرحية «موت بائع متجول» للكاتب الأمريكي أرثر ميلر، كان في زيارة شارل، صديقه وجاره ومنافسه في المصلحة، فاشتكى له من معاملة الناس وعدم قبولهم له، وهو الشخص الذي لم يتمكن من التميز أو تحقيق أي نجاح، فهو لا يملك أي مهارة، وقد تجاوز الستين من العمر، وصار لا يستطيع التركيز، أفكاره وهواجسه وأحلام اليقظة؛ تُغَيِّبه عن واقعه، حتى بات في خطر أثناء قيادته السيارة، فتنحرف ويتعرض للخطر.السيارة وقيادتها هو رأس ماله كبائع متجول يعرض بضاعته هنا وهناك، وقد اشتكى لصاحبه بعد أن أصابه اليأس في جعل الناس يحبونه أو يتقبلونه، فأجابه شارل على سؤاله بصوت حاد وعبارة قضت على أي أمل:ـ قل لي هل لديك ما تبيعه؟.. ماذا لديك؟.. الشيء الوحيد الذي تملكه في الحياة هو الذي تستطيع أن تبيعه.حينها أيقن لومان أنه لا يملك شيئاً، لا موهبة، لا مهارة، لا ثقافة، لا قدرة على الإقناع، لا خبرة، فقد ظل طوال حياته يحاول فقط، لم يغامر يوماً، لم يجرب، ولم يقع في تجارب تشكل خبرة، فرغم سِنِّه، ليست لديه أي خبرة، شعر بأنه لا مكان له في هذه الحياة، حيث الفقر والعوز، ولا شيء يبيعه.كلنا بائعون، فنحن عندما نعمل نبيع الجهة التي نعمل فيها: علماً، أو خبرة، أو مهارة، أو موهبة، أو أفكاراً، أو طاقة، أو قبولاً أو حضوراً، ومن لا يملك منا ما يبيع، لا يمكنه أن يجد عملاً، لذلك عليَّ أن أسأل نفسي بين الحين والآخر:ــ هل لدي ما أبيعه؟.. وعليه يجب أن أتجدد وأضيف لنفسي دوماً.
جيل الألفية

كاتبة وناقدة بحرينية، حاصلة على الدكتوراه في النقد الأدبي الحديث، لها عدة مقالات ودراسات في النقد الأدبي والثقافي والتحليل السياسي في عدة صحف ودوريات عربية
9 ديسمبر 2019
18:40 م
يمكننا وصف الطفلة السويدية، والناشطة البيئية (غريتا تونبرغ) بأنها صارت تمثل ظاهرة حقوقية قد تؤسس لثقافة جديدة وأنشطة رائدة ذات علاقة بطبيعة الأجيال القادمة. فالطفلة تتميز بثقافة متميزة وطلاقة ملفتة وهي شجاعة جدا بالنسبة لعمرها (16) عاما. وأقوى مصادر القوة الذاتية التي تمتلكها غريتا هو قدرتها الفريدة على التأثير في الآخرين سواء على مستوى أقرانها أم قيادات العالم السياسية والثقافية، مما جعل الكثيرين يعتبرونها واحدة من أبرز قيادات الجيل الجيل القادم.
غريتا هي واحدة من أبناء (جيل الألفية)، وهذا الجيل يؤطر بمواليد ما بين عامي (1990 إلى 2010م)، إذ بحلول العام (2020م) سيشكل هذا الجيل نصف القوى المؤثرة في الكرة الأرضية، حيث سيكونون هم الطلبة في جميع المراحل الدراسية، وسيمثلون نصف القوة العاملة في مختلف مجالات العمل، وهذا يعني أن الأعوام القادمة سوف تسم الكرة الأرضية بسمات هذا الجيل التي هي سمات عصر الألفية ذاتها.
هذا العصر يتميز بالسرعة الفائقة في الإيقاع، ونمط التغير الدائم، والضبابية في الولاءات الأسرية والوطنية في مقابل نمو الروح الفردية والاتجاه نحو المواطنة العالمية وتبني الثقافات الجديدة، كما يتميز هذا العصر بالاتفتاح الكامل لكل الحدود والقدرة الفائقة على امتلاك المعرفة وتطبيقها وإعادة إنتاجها دون اللجوء إلى الوسائط التقليدية كالمدرسة أو الأسرة.
والتحدي الخطير الذي يواجه جيل الألفية هو أزمة «الأرض»، من حيث تآكل بنية الكوكب بفعل أزمة المناخ التي نخرت فيه طويلا، وقرب نضوب الموارد الطبيعية بفعل الاستهلاك المسرف من البشرية لها في المائة عام الماضية، مما يعني أن الأجيال القادمة ستعاني صحيا وماديا وقد تكون مهددة بفناء الطابع الحضاري لمستقبلها، ولذلك كان أحد شعارات غريتا (إنكم تسرقون مستقبلي)، بالتالي فإن أهم مسؤوليات جيل الألفية ستكون الحفاظ على الكوكب وموارده للأجيال القادمة.
وإذا كان الغرب مدركا لهذا التحول في سمات الأجيال ومسؤولياتها، فتقبّل بذلك نشاطات (المراهقة) غريتا، وتفاعل معها بالإضرابات المتعددة للمدارس، ودعم حملاتها الاحتجاجية ورحلاتها التوعوية، فإن الأمر يبدو بعيدا عن ذلك جدا في عالمنا العربي، مما سيزيد الهوة الحضارية بيننا وبين الغرب.
كيف نعد أبناءنا للانخراط مع جيل الألفية بسماته وطموحاته الجديدة؟، هل نكتفي بتركهم يبنون قناعاتهم بوسائل التواصل الاجتماعي؟، هل نحن قادرون على بناء نظم تعليمية وثقافية تمكنهم من اكتساب الوعي الحضاري المطلوب منهم كي يكونوا جزءا من المستقبل؟، وهل ندرك أولوياتنا لمرحلة جيل يختلف كليا عما نعيش عليه الآن؟.
غريتا هي واحدة من أبناء (جيل الألفية)، وهذا الجيل يؤطر بمواليد ما بين عامي (1990 إلى 2010م)، إذ بحلول العام (2020م) سيشكل هذا الجيل نصف القوى المؤثرة في الكرة الأرضية، حيث سيكونون هم الطلبة في جميع المراحل الدراسية، وسيمثلون نصف القوة العاملة في مختلف مجالات العمل، وهذا يعني أن الأعوام القادمة سوف تسم الكرة الأرضية بسمات هذا الجيل التي هي سمات عصر الألفية ذاتها.
هذا العصر يتميز بالسرعة الفائقة في الإيقاع، ونمط التغير الدائم، والضبابية في الولاءات الأسرية والوطنية في مقابل نمو الروح الفردية والاتجاه نحو المواطنة العالمية وتبني الثقافات الجديدة، كما يتميز هذا العصر بالاتفتاح الكامل لكل الحدود والقدرة الفائقة على امتلاك المعرفة وتطبيقها وإعادة إنتاجها دون اللجوء إلى الوسائط التقليدية كالمدرسة أو الأسرة.
مارك لافيرني
منذ 22 ساعات
عبدالله النعيمي
منذ 22 ساعات
والتحدي الخطير الذي يواجه جيل الألفية هو أزمة «الأرض»، من حيث تآكل بنية الكوكب بفعل أزمة المناخ التي نخرت فيه طويلا، وقرب نضوب الموارد الطبيعية بفعل الاستهلاك المسرف من البشرية لها في المائة عام الماضية، مما يعني أن الأجيال القادمة ستعاني صحيا وماديا وقد تكون مهددة بفناء الطابع الحضاري لمستقبلها، ولذلك كان أحد شعارات غريتا (إنكم تسرقون مستقبلي)، بالتالي فإن أهم مسؤوليات جيل الألفية ستكون الحفاظ على الكوكب وموارده للأجيال القادمة.
وإذا كان الغرب مدركا لهذا التحول في سمات الأجيال ومسؤولياتها، فتقبّل بذلك نشاطات (المراهقة) غريتا، وتفاعل معها بالإضرابات المتعددة للمدارس، ودعم حملاتها الاحتجاجية ورحلاتها التوعوية، فإن الأمر يبدو بعيدا عن ذلك جدا في عالمنا العربي، مما سيزيد الهوة الحضارية بيننا وبين الغرب.
كيف نعد أبناءنا للانخراط مع جيل الألفية بسماته وطموحاته الجديدة؟، هل نكتفي بتركهم يبنون قناعاتهم بوسائل التواصل الاجتماعي؟، هل نحن قادرون على بناء نظم تعليمية وثقافية تمكنهم من اكتساب الوعي الحضاري المطلوب منهم كي يكونوا جزءا من المستقبل؟، وهل ندرك أولوياتنا لمرحلة جيل يختلف كليا عما نعيش عليه الآن؟.
الأخبار ذات الصلة
باسمة أبو شعبان
25 يناير 2021
حسن جمعة الرئيسي
25 يناير 2021
عبد الرحمن النقبي
24 يناير 2021
د. شهد الراوي
23 يناير 2021
د.عماد الدين حسين
20 يناير 2021
د. واسيني الاعرج
18 يناير 2021
باسمة أبو شعبان
18 يناير 2021
مؤيد الزعبي
18 يناير 2021
د. شهد الراوي
16 يناير 2021
د. شهد الراوي
9 يناير 2021
د. شهد الراوي
2 يناير 2021
د. شهد الراوي
26 ديسمبر 2020
د. شهد الراوي
19 ديسمبر 2020
د.عماد الدين حسين
16 ديسمبر 2020
د. حميد الكفائي
15 ديسمبر 2020
د. واسيني الاعرج
14 ديسمبر 2020