الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

هل تحتاج إلينا اللغة العربية؟

تجول سريع في مواقع البحث الإلكتروني باللغتين العربية والإنجليزية، بحثاً عن أي موضوع علمي أو ثقافي، سيكون الفرق شاسعا (كمًا وجودةً) بين المحتوى العربي والإنجليزي، وستدل النتائج على أن المساهمة العربية في مجالات كثيرة من العلوم والثقافة محدودة جداً، كما أن حركة الترجمة إلى العربية أكثر محدودية، وهذا ما يجعلنا ونحن نحتفل بلغتنا العربية نشعر بالخطر.

لغتنا العربية واحدة من اللغات الحية الكبرى في العالم، وعدد الناطقين بها والمشتغلين بها من غير أهلها كبير جداً، لكنه ليس أكبر من لغات أخرى كالهندية والصينية، لذلك فإن عدد الناطقين بأي لغة ليس محك قوة أو ضعف، ولكن تأثير اللغة في المجال الحيوي العام، والإضافات العلمية والثقافية وحتى الفنية المتجددة للغة، هي محددات قوتها وهيمنتها.

لغتنا العربية تمتلك مزايا جمالية كثيرة تجددت عبر الزمن الطويل من رحلة العرب من الصحراء إلى إسبانيا، وزادت اللهجات من حيويتها وخفتها وسلاستها، لكن الجماليات بند واحد متعدد الجداول من بنود استخدام اللغة.. لغتنا جميلة وعريقة تستحق الاحتفاء بها، والاعتناء بها كذلك.


حين تجد اندفاع أولياء الأمور وحماسهم لتعليم أبنائهم عدة لغات بدرجة الإتقان مثل الإنجليزية والفرنسية وحالياً الصينية أو الكورية؛ علينا أن نشعر بالقلق، فحين نقيس مستوى إتقان اللغة العربية عند خريجي التعليم في الدول العربية علينا أن نشعر بالفزع أيضاً، وحين يكون إتقان اللغة الإنجليزية أو الفرنسية شرطاً أساسياً للوظائف العليا علينا أيضاً أن نشعر بالقلق كذلك، وعلينا أن نُذكر أن مشروع التعريب في الجزائر واجه هزائم ساحقة أمام التيار الفرانكفوني الذي جعل اللغة الفرنسية بعد الاستعمار هي اللغة الأولى على الأقل على المستوى الرسمي، إلاّ أنه يتراجع الآن بشكل ملحوظ جداً.


وهنا نسأل عن دور الجامعة العربية في الحفاظ على مكانة اللغة العربية لغة رسمية أولى في ثقافة جميع الدول العربية، وعن دور المؤسسات العلمية والبحثية في تعزيز موقعها في الخارطة العلمية العالمية، وعن دور الباحثين العرب في تنشيط الجانب الوظيفي منها، كي لا يتراجع موقعها بين اللغات الأخرى التي كثيراً ما توصف بأنها لغات عملية.

احتفلنا هذا العام وباقي الأعوام بلغتنا الأم، ولكن يتعين أن يكون جزءاً من احتفالنا بها هو السعي الدائم لتأكيد حضورها وتألقها الدولي، وأن نقدم للعالم في كل عام مشروعاً نهضوياً باللغة العربية يقربها من المركزية الثقافية التي صارت تبتعد كل يوم عنها شيئاً فشيئاً.