الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الكنوز الضائعة.. مخطوط موريتاني وحيد

تُقَدَّر المخطوطات العربية بثلاثة ملايين مُوزَّعةً في أنحاء العالم، ومَا وَصَلنا منها قليلٌ، قد لا يتجاوز 10 %، أمَّا الباقي فضاع في غيَاهِب التاريخ بين الحرق والتخريب كما فَعَل المغولُ لمكتبات بغداد وغيرها وكما فعلت محاكمُ التفتيش في إسبانيا، بعد رحيل العرب منها.

واليوم تَحْتضِن الدولُ العربية مئات الآلاف من المخطوطات، ومعظمُها غير مُفَهْرَس للأسف.، فبعضُ التقديرات تشير إلى وجود نِصف مليون مخطوط في الدول العربية، وفي موريتانيا وحدَها نحو 40,000 مخطوط (ولعل العدد الحقيقي أكثر بكثير) وأغلبُها مُعرَّض لخَطَر الاندثار بسبب العوامل الطبيعية والإهمال ورداءة وسائل الحفظ، ويَرقُد في مكتبة آل الشيخ سيديَ المعروفة (مكتبة هارون) بموريتانيا كتاب «الضروري في صناعة النحو» لابن رشد الحفيد، وهو النسخة الوحيدة التي عُثر عليها منه حتى اليوم، وهي لحسن الحظ في صورة ممتازة، وقد رَمَّمَها واسْتَنسَخَها مركز جمعة الماجد للتراث.

بقية المخطوطات العربية تَتَركز في تركيا وإيران والهند ودول آسيوية أخرى، وفي الدول الإفريقية غير العربية عشرات الآلاف من المخطوطات العربية؛ لا سيما في مدينة تمبوكتو (جوهرة الصحراء) بمالي، والتي تعرَّضت قبل سنوات لعمليات إرهابية كادت تقضي على مخطوطاتها.


وتَحْتضِن أوربَّا وأمريكا عشرات الآلاف من المخطوطات العربية النادرة؛ بعضُها أُخِذَ قَسرًا أو احتيَالا، وبعضُها حُصِل عليه بالشراء أو الإهداء، وكانت حملةُ نابليون على مصر والاستعمار الغربي للدول العربية والاستيطان الإسرائيلي في فلسطين مثالًا لنهب مخطوطاتنا.


نعم لا شك أنَّ المستشرقين الغربيين؛ لا سيَّما الألمان منهم، نَهَضوا بجهود جبَّارة مشكورة في صيانة مخطوطاتنا وإحيائها، حين كُنَّا نِيامًا، وأذكر مثالًا حيًّا وهو أنَّ ابن وحشية (الذي عاش في النصف الثاني للقرن 3هـ / أوائل 9م) هُو أوَّلُ مَن فَكَّ مُعَمَّيَات الهيروغليفية، في كتابه ‹‹شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام››، أي قبل شامبليون بنحو ألف سنة، ومع ذلك مُنِحَ الأخيرُ فضلَ الريادة وقَصَبَ السبق في هذا المجال.

والْمُؤْسِف أنَّنا لَمْ نَحْتَجْ فقط في القرن التاسع عشر إلى شامبليون لكشف أسرار الهيروغليفية، رغم ريادة سَلَفِنا في ذلك، لكنَّنا احتجنا أيْضًا إلى المستشرق النمساوي جوزيف هَمَّر لاكتشاف مخطوطة ابن وحشية وطبعها في لندن سنة 1806م!، فهل نَظَلُّ نيامًا حتَّى يضيع ما بَقِيَ من كنوزنا؟.