الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

فرق كبير بين النقد والنقد

الألفاظ هي أدواته التي يلعب بها، أي كما يقولون «يتلاعب بالألفاظ بحرفية عالية»، وهو خير من ينحت الكلمات والمصطلحات المبتكرة، ربما لم تصل شهرته كل أطراف الخريطة العربية، إلّا أنه يستحق، وأعني هنا الكاتب والروائي والناقد المغربي «الحبيب الدايم ربي»، ومن شدة إعجابي بطرافته في تناول الموضوعات ومعالجتها من زوايا لا تخطر على بال، خطر لي أن اسمه من صُنعه، وإحدى طُرفه الفكِهة.

ذات مرة وبدعابة، عبر عن ندمه على تخصصه وخوضه في مجال النقد، وتمنّى لو أنه تخصص في النقد وعندما طُلب منه التوضيح، أجاب: «إن الفرق كبير بين النقد والنقد»، فزاد توضيحه الموضوع غموضاً، لكنه أخرج من جيبه دريهمات معدودة، وقال لو أنني تخصصت في هذا النقد لأصبحت صاحب مال وأعمال، ولاختلف وضعي من حال إلى حال، ثم تناول نظارته وأشار بها إلى رأسه قائلاً: «لكنني فقدت صحة بصري واستنفدت حصيلتي المعرفية والتحليلية والاستقصائية في قراءة النصوص الأدبية ونقدها، وهو ما أزعج أصحاب النصوص، يا لها من مهنة لا يروق للكثيرين التعامل معها عندما تتناولهم، فكُتاب الأدب؛ يزعجهم النقد على الأغلب، والمقصود هو النقد الأدبي».

الأصل في اللغة، نقَد الدراهم، أي ميَّزها، بمعنى نظر فيها ليعرف جيدها من رديئها، ونقد الكلام: أظهر ما به من عيوب ومحاسن، ونقده المال أي أعطاه الثمن نقداً معجلاً لا مؤجلاً، ونقد الطائر الحَبَ أي التقطه بمنقاره.


لغتنا العربية واسعة، وغزيرة المعنى، وهذه الغزارة منحت صاحبنا الفرصة كي يذكر مقولته حول الفرق بين النّقد والنقد.