الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

اللغة.. بين مفهومين

الفيلولوجيا أو علم اللغة المقارن هو فرع من اللسانيات التاريخية، التي تندرج تحت الأنثروبولوجيا الثقافية، المعنية بمقارنة ودراسة الأصول والعوامل المشتركة للغات وتطورها ونشوئها، وعلاقتها بأخريات تنتمي معها للعائلة ذاتها وتتميز كل منها بسمات خاصة بها حسب المنطقة التي ظهرت بها.

ظهور اللغات لم يكن على درجة الكمال التي تحظى بها في حاضرها، فقد بدأت أولاً كمنطوقة نتاج تفاعل الحواس البشرية مع البيئة المحيطة بها، ومن ثم استقبال الدماغ البشري لمرئيات الحواس الخمس لترجمتها لكلمات وعبارات منطوقة بالتزامن من مخارجها مع انتقال الإنسان من البدائية المطلقة الفردية للجماعة، وتزايدت الحاجة للتعبير لديه ومن ثم استطاع تطوير قدراته لتجاري ما استُحدث في حياته، التي رويداً ما نقلته لمنظومة اللغة المتكاملة الأركان من حيث النطق والكتابة، لكنها ورغم ذلك كانت على صورتها الأبسط، التي لم تتطور إلا مع مرور السنين وازدياد الحاجة لأن تتزامن مع ثورة العقل المعرفية، فاللغة لا تولد بالفطرة وإنما هي استجابة لبيئة الكائن البشري وما حوله، فهي مكتسبة بفعل التلقين منذ الصغر، الذي يسمح للدماغ بمواءمة الفرد مع حواسه، وبالتحديد النطق ومخارج الحروف ومعانيها المرتبطة بالصورة والإحساس والحاجة والرغبة وغيرها من مقومات معيشته.

تأثرت اللغات ببعضها البعض بفعل الهجرات البشرية والتجارة والحروب والعلاقات الدبلوماسية، ولذلك من الشائع جداً حتى في حالات اللغات غير المنتمية لشجرة العائلة الواحدة، أن تجد بها كلمات مستخدمة في لغات أخرى تفصلها عن بعضها قارات، ففي الإنجليزية مثلاً، يتداول متحدثوها أيام الأسبوع التي ترجع أصول أسمائها مع بعض التحريف لكلمات مستقاة من مسميات لأساطير ومعتقدات أسكندنافية وأوروبية غربية، فيوم الأحد يرمز ليوم إله الشمس والاثنين ليوم إله القمر، أما الأربعاء فهو يوم أودِن رئيس آلهة الفايكنغ، والخميس يوم ثور «Thor» ابن الإله أودِن سالف الذكر والجمعة يوم فريا زوجة أودين، أما السبت فيرمز ليوم الإله ساتورن إله الخصوبة والزراعة الروماني، الذي جرت عادتهم على الاحتفال به في 17 ديسمبر من كل عام ولمدة أسبوع، ومنه كما يظن بعض الباحثين استقيت العادات المتبعة الآن في أعياد الميلاد كإقامة الولائم ومنح الهدايا.


اللغات السامية بدورها تمتلك هي الأخرى منظومة لغوية واحدة، تفرعت لمجموعات منطوقة ومكتوبة على يد ولسان شعوب عديدة، طورتها وفقاً لبيئتها وأماكن تواجدها على مر العصور والأزمنة.