الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

القراءة والصورة والرمزية

من مآثر الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية ‏ ‏توماس جيفرسون شغفه بالقراءة وتشجيعه عليها وهو القائل عنها: «إن الذين يقرأون فقط هم الأحرار، لأن القراءة تطرد الجهل والخرافة، وهما من ألد أعداء الحرية».

وتماشت عبارته مع ‏رد فيلسوف فرنسا فولتير حين سئل عمن سيقود الجنس البشري، ليجيب: «الذين يعرفون كيف يقرؤون»، وكلا القولين ينطبق عليهما الوصف: «المعركة من أجل القراءة هي نفس المعركة من أجل الديموقراطية».

في العالم العربي وحسب أحد الإحصائيات الصادرة عن اليونسكو؛ ينشر 35 كتابا لكل مليون عربي، بينما الرقم هو 558 في أوروبا لكل مليون نسمة، وهو ما يقودنا للتساؤل: هل تدني نسبة القراءة في العالم العربي في عصرنا الحديث نتيجة لتفشي ظاهرة حضارة الصور المتمثلة بالمطبوعات المصورة والتلفزيون مقابل مرجعية الكتب، لتتسبب بعزوف الفئات الشابة عن الاطلاع واستبدالها بالمشاهدة، التي توفر المعلومة في زمن ومجهود أقل لجمعها بين السمع والبصر بآن واحد، مسهمتان بذلك في الحصول على تفاصيل أكثر لا تحتاج لنفس درجة التركيز والخيال لدى القارئ؟


نفى بعض المتخصصين «عن الشاشة» قدرتها على توسيع المدارك، وأكدوا محدوديتها بسبب اعتمادها على الصورة والحركة مع القليل من الكلام فيما تعرضه، وبالتالي لا يمكن أن تكون المنافس للمعرفة ومن باب أولى للقراءة، التي تعمل على توسيع المدارك والأفق، مع الإقرار دون تجاهل بأن ثقافة الصورة ستسهم في إدخال تعديلات على الكتب مما سيمنحها قبولا أكثر لدى الأطفال وصغار السن عبر تفعيل الصورة المكتوبة في المنشورات الموجهة إليهم، والمازجة بين الاثنين فيما تنشره.


التشجيع على القراءة يقابله اصطدام بعوامل مجتمعية تكبح الشغف بها نتيجة تردي الأوضاع السياسية والحقوقية في الدول، محبطة مواطنيها ومشكلة بالنسبة إليهم حاجزا نفسيا بين الفكرة والواقع، وهي التي تتطلب توفير مناخ من الحرية والتعبير عن الرأي، وممارسة النقد دون الخوف من عواقب ذلك.

وللتعليم دور مهم في تكريس منهجية محبذة للقراءة عند النشأ والشباب في المراحل المتقدمة، عبر إعادة تحرير الكتب المدرسية وجعلها مستقطبة للطلبة ومتوائمة مع تطلعاتهم واحتياجاتهم العمرية، فتخاطب خيالهم وتثير شغفهم، بدلا من أن تكون منفرة ورتيبة معتمدة على الحفظ والتلقين، لتُستبدل بالمعلومة الرمز التي ترسل أفكارا مرتبطة بالماضي والحاضر والمستقبل، مساعدة بذلك على التفاعل مع البيئة والمنزل، وصاقلة ومهذبة للأفكار والتطلعات.