الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

إرشادات الحب

قبل أيام، أرسلت لي صديقة تطلب مني أن أجد لها حلاً فيما يخص حياتها العاطفية، من جانبي، لا أعرف السبب الحقيقي، الذي يدفع صديقاتي لأخذ استشاراتي العاطفية، التي يبدو أنني غير موفقة فيها على المستوى الشخصي.

يصدف أحياناً أن تجد وصفاتي العاطفية نجاحاً، مما يجعلني في حيرة كبيرة ومحط شهرة بين الصديقات، ربما لأنني أبدو مقنعة في حديثي وواثقة، فأجد استجابة لا مثيل لها في تطبيق كل تعليماتي.

في كثير من الأحيان، أتذكر قصص حب الكاتبات على مر التاريخ، واللوعة التي بدت واضحة في سيرتهن ونتاجهن أيضاً، ومنهن على سبيل المثال، سيمون دوبوفوار، الكاتبة والفيلسوفة الفرنسية، عندما عاشت ظروف الحرب العالمية الثانية إلى جانب حزنها الأسطوري، الذي خلفه تخلي حبيبها الفيلسوف سارتر عنها لأجل امرأة أخرى.

دوبوفوار لم تلجأ إلى صديقة تعلمها كيف تسترده في 5 أيام، بل ساعدَها هذا الألم في ظهور أول رواية مهمة لها «جاءت لتبقى» وهي تتأمل في تأثيرات الحب والغيرة.

وفي السنوات الأربع اللاحقة، نشرت الكثير من الأعمال الروائية والفلسفية، وحققت نجاحاً باهراً ثم في نهاية الأمر، دفنت إلى جانب سارتر في باريس.

وأتذكر قصة حب المنظرة السياسية حنا آرنت، مع أستاذها هيدغر، الذي رفض التخلي عن زوجته لأجلها، وكشفت مراسلاتهما التي امتدت منذ عام 1925 إلى 1975 عن حب لا يموت، فقد كتبت آرنت في عيد ميلاده الثمانين "بعد 45 عاماً، لا زلت أفكر فيكَ على الدوام"، خلال هذه الفترة، أثبتت آرنت أنها فيلسوفة يمكنها أن تتفوق على أستاذها أيضاً.

أحياناً أخاف أن أخبر صديقاتي الحقيقة، التي أؤمن بها عن الحب.. أشعر بالضعف أمام مشاعر الانهيار العاطفي.

كنت أتمنى لو أخبرهن أن هذا الألم هو الحب نفسه، وهذا الوهن الإنساني المشع، هو ما يحتاجه المرء منا حين يقع في الحب، وأن قصة الحب ليست سعيدة على الدوام، وأن التعرض إلى الهجران لا يعني المساس بالكرامة، وأن لا وجود للمرأة الفولاذية ولا الرجل الحديدي، نحن هكذا بكل ضعفنا الوجودي، يكشف لنا الحب عن هشاشتنا، ولكننا في النهاية سنستمر بلا وصايا أو إرشادات منتهية الصلاحية.