الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«مانغويل».. و«يوميات القراءة»

يشير كتاب «يوميات القراءة: تأملات قارئ شغوف في عام من القراءة» للكاتب الأرجنتيني ألبرتو مانغويل، ترجمة: عباس المفرجي، إلى فكرة إعادة اكتشاف الكتب التي سبق قراءتها بعد مضي أعوام، وهذا ما فعله مانغويل حين قرر العودة إلى قراءة كتب قديمة مفضلة لديه، وهو في سن الثالثة والخمسين، وقد دُهش مرة أخرى بعد أن لاحظ كيف تبدو هذه العوالم المتراكمة والمعقدة من الماضي، انعكاساً للفوضى السوداوية، التي يحياها عالمنا الحاضر.

مثلاً: قد يُلقي مقطع في رواية الضوء فجأة على مقالة في صحيفة يومية، ومشهد معين يمكن له أن يستعيد حادثة شبه منسية، وكلمات قليلة يمكن أن تكون باعثاً لتأملات طويلة.

يرى مانغويل، أن القراءة عبارة عن محادثة، القراءة فعل مريح، منعزل، هادئ وحسي، وربما لهذا السبب خطر للكاتب أن يعيد قراءة كتاب واحد كل شهر من كتبه القديمة، مع الأخذ في الاعتبار، إحداث نوع من التوازن والتنوع من كل شيء، وبما أنه قارئ انتقائي، فإن هذا الأمر لم يكن صعباً.


وبحسب ألبرتو مانغويل، فإن هناك كتباً مكومة بجانب السرير تقرأ نفسها له بصوت عالٍ أثناء نومه، وذلك بعد أن يكون قد قرأ مقاطع منها قبل أن يطفئ الضوء، وكل كتاب من هذه الكتب التي يحتفظ بها مانغويل في مكتبته يؤثر بشكل ما في عاداته القرائية، ويتساءل: هل القراءات كلها ترابطية؟


هذا الكتاب ليس إعادة قراءة فقط، بل هو حديث عن قائمة متضمنة حنيناً للذكريات والأماكن والأصدقاء والصور والكلمات، وكأنه يقتفي أثر كل ذكرى من خلال هذه الوقائع، وكما يقول: بإمكاني كتابة نوع من السيرة الذاتية وفقاً للأشياء التي مُنحت لي من أصدقائي.. هنا في مكتبه علبة الأقلام الهندية من المعدن وصندوق فيتنامي حجري مرصع بإشارات لا يمكن قراءتها، وعمود ورقي مرسوم عليه سماء، وثقالة أوراق جلدية وصحن بخور وذراع صغيرة من الأبنوس، وغيرها من الأشياء الكثيرة والمرصوصة فوق طاولة عمله البالغ عرضها عشرة أقدام والمكتظة كماً إلى أبعد حد.

الكثير منا يفضل القراءة وبجانبه قلم رصاص، ليتواصل به مع الكتاب من خلال تدوينات الهامش، والكاتب مانغويل كان من هذا النوع من القراء، كما كان يفضل أن تحمل الكتب التي يقرؤها توقيعه، والتاريخ والمكان اللذين قُرأت فيهما أول مرة.