السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مرض نقص «الثقافة‪‬»

الذين يعشقون القراءة لم يسأموا كثيراً ولم تضق بهم الأمكنة عندما تم فرض الحجر، بل وجدوها فرصة للخلوة مع هوايتهم المحببة التي تمنح من يعشقها حماية تامة من آثار العزلة، والذين ينظرون للقراءة كضرورة من ضرورات الحياة يعرفون معنى هذا الكلام جيداً.

لا شيء ينافس أهميتها لحياة الإنسان سوى الرياضة، ولو تمت تنشئة الأجيال على هذا المفهوم لوفرنا كثيراً من المليارات التي يتم صرفها على المرضى الذين تهاونوا بأهمية الرياضة، ومثلها وأكثر على الذين يعانون من نقص الثقافة حيث إنه يعتبر مرضاً صامتاً يمنع الإنسان من تطوير نفسه ومجتمعه، فكل الذين تورط بهم رجال الأمن في جميع أنحاء العالم من مخترقي تعليمات الحجر المنزلي ومهملي إجراءات الوقاية هم من المصابين بمرض نقص الثقافة، الذين لا يشعرون بمسؤولية تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين.

في كل أزمة تواجهها البشرية تبرز أهمية الثقافة للإنسان، الذي يعتبرها ضرورة حياتية واهتم منذ البدء بتحصين نفسه بها، ولا تزال في أذهاننا مقولة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله حين قال: «إن تعليم الناس وتثقيفهم في حدّ ذاته ثروة كبيرة نعتز بها»، فالنشاطات الثقافية في جميع دول الخليج تدعو للفخر، المناسبات الثقافية فيها تحظى بوهج كبير، وتتميز معارض الكتاب التي تقيمها بحضور عالمي، حيث يحتل معرض الرياض الدولي للكتاب مركزاً متقدماً من بين أهم معارض الكتاب في العالم، ومهرجان الجنادرية للتراث والثقافة الذي يعتبر من أكبر التظاهرات العالمية التي يحضرها أغلب مثقفي وإعلاميي العالم قاطبة، كما أن نادي دبي للصحافة وجوائزه السنوية شكل نقلة نوعية أسست لبناء إعلام ثقافي متخصص يستطيع المساعدة في تأسيس ثقافة حقيقية.


وعند الحديث عن الثقافة وداعميها لا يمكن أن نتجاوز أحد أهم المثقفين والمسؤولين العرب وهو صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي تشعر معه بأن الثقافة شرط من شروط اكتمال الفرسان والقادة، يبهرك في حديثه كمثقف وكمسؤول، جعل من الشارقة عاصمة عالمية للثقافة صنعت لكثير من المثقفين ذكريات إنسانية لا تنسى عبر مصافحتها لقلوبهم، والحديث عن أهمية الثقافة في حياتنا كأفراد وكمجتمعات بمنزلة الهواء والماء، وهذا ما اكتشفه كل إنسان بعد أن وجد نفسه في حجر منزلي لا يملك مساحة كافية يتحرك خلالها، ولا صديقاً يتحدث إليه غير كتاب!