الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«إيدير».. أيقونة الأغنية الأمازيغية

يوم السبت الماضي ـ الثاني من مايو الجاري ـ أعلن أحد مستشفيات باريس عن وفاة المغني الجزائري المعروف حميد شريّط الشهير أكثر باسم «إيدير» عن 70 عاماً، وهو الذي كان يوصف بأنه أيقونة الأغنية الأمازيغية.

وأثار خبر وفاته كثيراً من الحزن في الجزائر وفرنسا والعديد من دول العالم بسبب اتجاهه للغناء الملتزم، وعمله الدؤوب على إثراء التراث الفني الأصيل للشعب القبائلي أو «الأمازيغي».

وكانت أغنيته «avavai nouva» التي ذاع صيتها عام 1976 قد حققت شهرة عالمية واسعة، وتمت ترجمتها وغناؤها بأكثر من 30 لغة عالمية، وعبّر من خلالها عن تعاطفه مع شعبه الأمازيغي المتجذر في أرضه والمتمسك بعادات وتقاليد أسلافه.


وعندما كنا طلاباً صغار السنّ، كنّا نتردد على المقهى الجزائري ذاته الذي اعتاد «إيدير» التردد عليه في الحي اللاتيني بباريس، وكنا نقابل هناك بعض الأصدقاء من محترفي العزف على الغيتار، والذين أصبحوا من مشاهير ونجوم الغناء، بعد أن جاء بعضهم من الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط من أمثال: المغني اليهودي الإسكندراني «جورج موستاكي» والمغني والشاعر الغنائي الفرنسي «كلود نوغارو»، الذي ولد في مدينة تولوز.


ويأتي رحيل «إيدير» في هذا الشهر الفضيل ليذكرنا بأن العالم العربي يتألف في الحقيقة من مجموعة كبيرة من الشعوب والأقوام التي تدعى «القبائل والعشائر» ومن بينها الأمازيغ الذين كانوا يسكنون منطقة المغرب العربي منذ وصول الدعوة الإسلامية، ومن المعروف أن الإسلام يحترم تنوّع المكونات الثقافية للشعوب، ولقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ» (سورة هود ـ الآية 118)

ولقد تبنّى الشعب الأمازيغي في دول المغرب اللغة والثقافة العربيتين، ولكنه بقي مخلصاً للغته وتراثه وعاداته وتقاليده الأصيلة، ومن واحة سيوا في مصر إلى جبل نفوسة في ليبيا وسهل جفّارة في تونس، ومن مرتفعات القبائل وجبال الأوراس في الجزائر والمغرب، ومن سلاسل جبال الأطلس حتى تخوم الصحراء الأفريقية الكبرى، استعادت اللغة الأمازيغية زخمها وانتشارها الواسع في أوساط الشباب إلى جانب اللغة العربية.

وفي المغرب والجزائر، تم الاعتراف رسمياً بالثقافة الأمازيغية كجزء أساسي من مكوّنات الهوية الوطنية، وأصبحت اللغة الأمازيغية تدرّس في المدارس الرسمية شأنها في ذلك كشأن اللغة العربية، وخصصت لها قنوات إذاعية وتلفزيونية وصحف ناطقة بها، ويمكن أن يعزى بعض الفضل في هذا الإنجاز الثقافي المهم إلى حد كبير لفنانين ملتزمين من أمثال الفنان الراحل «إيدير».