الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الأفكار في عدة لغات وصور

الكتابة، القراءة، والتحدث.. أنشطة معقّدة يستحضر الذهن خلالها مفاهيم وأفكار داخلية عديدة، وتلتقط اللغة تلك الأفكار – أو ما يشبهها – لتُكسيها قواماً اجتماعياً ما يمكن للفئة المستهدفة التعرّف إلى هذا القوام بسهولة والبناء عليه، وتُعرف هذه العملية بـ «التواصل».

ومن المعروف أن اللغة وعاء يحوي القيم والموروث والعادات المجتمعية التي تتحدثها هذه اللغة، فاللغة لها انتماءات وجذور، بينما تسبح الفكرة حُرة في العقل لا انتماء لها ولا جذور، يمكن أن تخطر نفس الفكرة في العقل الشرقي أو الغربي، لكنها ستكون أمام عائقين: الأول، مدى دقة ملاحظة الشخص لمكنونه الداخلي والانتباه إلى أفكاره المتشعّبة داخل عقله، فنحن نعرف أشياء أكثر مما نتوقعها، لكن هل ندرك أننا نعرفها حقاً؟.. أي هل نحن منتبهون لهذه الحقيقة أولاً؟.

والعائق الثاني، يكمن في قدرة اللغة على استيعاب هذه الفكرة، واللغة بشقّيها الداخلي، مع النفس، والخارجي، مع الآخرين، تحمل كثيراً من الفجوات والثغرات التي لا تستطيع استيعاب بعض الأفكار.


إذن ما يجمعنا أصلاً الأفكار لا اللغة، بل يمكن أن تكون اللغة المحكية في كثير من الأحيان عائقاً أمام وصول الفكرة الأصلية كما هي في الذهن.


لذا فإن مهارات تعبيرية كالرسم والعزف على الآلات الموسيقية ليست ترفاً ولا رفاهية بل ضرورة في حياتنا لاستنطاق الأفكار الكامنة في داخلنا ولا تتمكّن اللغة من التقاطها وقوْلَبتها، ربّما لأن الفكرة أكبر من أن تُحبس في أي قالب، وهذا ما يدعونا إلى التعرّف على أوجه جمالية عديدة لنفس الفكرة، فيمكن أن تخرج بشكل جيد مكتوبة، لكن قد تخرج نفس الفكرة بشكل يفوق الوصف في مقطوعة موسيقية أو لوحة فنية.