الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

همنغواي.. الصمت والصدى الأبدي

في رواية الخلود لميلان كونديرا يجلس الروائي الأمريكي همنغواي مع الشاعر الألماني غوته، في حوار مُتخيل، حول فكرة الخلود.

يتحدث همنغواي عن الخلود كعذاب أبدي يجبره على الانتحار، حين يترك الناس الأعمال التي تستحق أن تكون خالدة، وينشغلون بالحديث عن حياة الكاتب نفسه ككيان لا يموت، دون أن يفكر أحدهم بثقل الفكرة التي من شأنها أن تهشم رغبة الكاتب بالتواري الأبدي.

عاش بابا همنغواي ـ كما يناديه أصدقاؤه ـ حياةً لا يمكن تجاوزها، فقد كان مغامراً بطريقة جنونية، تبدو حياته برمتها وكأنها مغامرة لشخص يلعب بقصته مثل مقاتل داخل لعبة افتراضية.

شارك في الحرب العالمية الأولى مع الجيش الإيطالي، وعمل مراسلاً حربياً في إسبانيا أثناء الحرب الأهلية، وذهب في رحلة صيد بمجاهل أفريقيا، وصارع الثيران في إسبانيا، وصاد الأسماك في فلوريدا وكوبا.

حاز على جائزتي البوليتزر ونوبل للآداب وتزوَّج 4 مرات، وعرف كيف يكون الإنسان محبوباً ومكروهاً في الوقت نفسه، وحظي بأصدقاء أوفياء، واحترق بنار الأوغاد والحساد والمهووسين، الكاذبين والمدعين، ثم رافق الموهوبين والأطفال والخدم.

كان كريماً وودوداً بكاريزما جذابة، إلى جانب من اعتلالاته النفسية ومزاجاته العنيفة، التي تضرب بكيانه بين الفينة والأخرى، وتجعله ينهار مثل شجرة هائلة بحثاً عن الحب والكتابة، لذلك من الصعب أن تنفصل أعماله الخالدة عن شخصيته الحادة في حال لو احتاج الناس إلى مادة لأحاديثهم.

لم تنقذ أعمال همنغواي بالإضافة إلى شهرته المدوية شيئاً سوى الأدب، كان الشيخ والبحر ووداعاً للسلاح، ومن هنا تشرق الشمس، عصارة روحه الملسوعة بسوط الحياة.

أخيراً، قرر همنغواي أن يكتب رواية عن حبيبته وزوجته الأولى هادلي، والتي هجرها من أجل أخرى، ثم عاش بقية حياته مع امرأة لا يحبها، لم تسعفه ربة الإلهام في الكتابة، وقف ذات ليلة متجمداً وعارياً أمام آلته الكاتبة واختار أن ينهي حياته بطلق ناري.

حكم همنغواي على سيرته الشخصية بالخلود وقدمها للناس.. أولئك الذين لا يعرفون بالضرورة معنى أن تذهب في رحلة طويلة مع شخص لا تحبه.