الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

مشروب يفك لغز الأفلام الهندية

فيلم «سانجام» إنتاج عام 1964، هو أول فيلم هندي يتم عرضه في السينما المصرية، وهو أول فيلم هندي شاهدته في حياتي، ومن بعده أصبحت الأفلام الهندية أقوى منافس لأفلام هوليوود في الدول العربية، فجيل السبعينات والثمانينات يذكر الفنان أميتاب باتشان، وأفلامه التي كانت الأكثر انتشاراً، تلته كوكبة من أسماء نجوم حققت أفلامهم نجاحات كبرى.

وطوال هذه السنوات من المتابعة، كنت ألاحظ أن العراك في هذه الأفلام غاية في العنف، والأحزان غاية في الألم، والفقر غاية في البؤس، والرقص غاية في الطاقة والنبض، والعواطف ملتهبة، والحقد شديد، والحب يضرب بجذوره في أقصى العمق، وكذلك كل المشاعر والسلوكيات، فهي تصل دوماً للأقصى، فكنت ألتمس تطرفاً على مدى مشاهدتي للفيلم.

بدا هذا الأمر؛ بالنسبة لي فيه قدر كبير من المبالغة، حتى ألفنا إطلاق عبارة «فيلم هندي» على كل ما هو مبالغ فيه.


في أحد الأيام شربت مشروباً هندياً اسمه «فولجار صودا»، شعرت مع الرشفة الأولى أن نجوماً تخرج من رأسي، ودوامات تلف أمام عيوني، فهو مشروب يحتوي على الصودا مع أوراق النعناع الخضراء، وسكر وملح وفلفل أخضر حار جداً، وعصير ليمون والزنجبيل، زلزال خضّني بمفعوله الديناميتي فهز كياني، لم أتمكن من تركه، شربته حتى آخره من شدة إغرائه.


الآن عرفت أن الفيلم الهندي ليس في أحداثه مبالغة من منظور المخرجين الهنود، بل هي ذائقةُ وثقافةُ شعب، تتميز باستهداف الأقصى في كل شيء، في المعاني، في العواطف، في السلوك، في الحركة، تلمسها بداية من التذوق، وصولاً للدراما، مروراً بالفن من رقص وموسيقى، وبالأزياء وألوانها، وبكحلة العين وزينة النساء.. وهكذا دواليك.