«لقد حرّرتني الفلسفة من سطوة الأهواء الحزينة، وغرائز الانحطاط، ودوافع الموت، ومن مُجمل أمراض الكينونة، وبالتالي منحتني القدرة على النمو والحياة».. هكذا لخّص الباحث والمفكر المغربي سعيد ناشيد فائدة وثمرة قراءاته وبحوثه في الفلسفة لسنوات طويلة.قد يتبادر لأذهان كثير من الناس أنّ الدور الرئيسي المنوط بالفيلسوف هو القيام وحده بتغيير جذري وحقيقي لأفكار الناس، وبالتالي المجتمعات، وهذه الفكرة في الحقيقة مغلوطة وتفتقر إلى الدقة، فالدور الحقيقي للفيلسوف ليس القيام بإزالة فكرة ما في عقل الإنسان ووضع فكرة جديدة أخرى مكانها، بل إن دوره هو مساعدة الإنسان ومنحه الأدوات اللازمة للقيام بمراجعة أفكاره وقناعاته بطرق أكثر عقلانية ومنطقية ليتوصل إلى أفكار جديدة تمنحه القدرة على الحياة والتغيّر لما هو أفصل له ولمجتمعه، وإذا كان الإنسان يبحث عن حل فوري وسريع لمسائله، فعليه أن يبحث عن أقرب مشعوذ في مدينته، فوحدهم المشعوذون لديهم القدرة على إيجاد حلول وهمية لمشكلات وهموم الناس.مثلما يقوم الطبيب بتحرير الجسد من أمراضه، يسعى الفيلسوف من جانبه إلى تخليص الروح من شرورها، هكذا ترى المفكرة الفرنسية «كلير كرينيون» الدور المنوط بالفيلسوف في المجتمع، فدوره لا يقل أهمية عن دور الطبيب، خاصة في زمن الأوبئة، فحين يكون دور الطبيب في هذا الزمن الصعب هو البحث عن علاج للوباء، يُصبح دور الفيلسوف الأهم هو مساعدة المجتمع على التعامل مع الأزمات وإعادة التفكير في نمط الحياة بعدها، وبالرغم من جميع التُهم والشكوك التي تُثار حول الفيلسوف، يبقى دوره لا غنى عنه للنهوض بفكر المجتمع.
الصورة.. نمط من التخيل

أكاديمية من سلطنة عمان، متخصصة في سيميائيات اللغة، لها مجموعة من المؤلفات في التراث وسيميائيات النص، تنشر مقالات في مجلات ثقافية عربية متعددة.
21 يونيو 2020
18:34 م
في ثقافتنا العربية التقليدية نجد أن الصورة لا تكاد تتعدى مستوى السرد في وصف الشخصية المتخيلة، سواء أكانت ذات نمط شعبي أو خرافي؛ ذلك لأن الصورة هي إعادة إنتاج للمسرود أو المتصور ذهنياً في المخيلة الشعبية، ولهذا فإن الكثير من الحكايات الشعبية والشخصيات الخرافية أعيد إنتاج صورها حديثاً عندما أردنا توثيقها أو تدوين سيرتها الحكائية.
ولهذا فإن الصور التي تُنتج لشخصيات خرافية من مثل (حمار القايلة)، أو (الجني المسلسل)، أو (السعلاة)، أو (الهامة) وغيرها الكثير، كلها تأتي ضمن إعادة إنتاج المسرود في شكل تقني يقدم النمط الحكائي بصرياً، في محاولة لعقد علاقات زمانية ومكانية مع المتلقي، الأمر الذي يكشف قدرة النمط الحكائي على التمثيل وطاقته السردية لإنتاج نمط من الصورة عبر سلسلة من التتابعات الإدراكية التي تعكس البعد الفضائي للشخصية.
إن الأمر ذاته سنجده اليوم في تلك الصور المتخيلة لشخصية فيروس (كورونا) وفق تصور تخيلي، يجعل منه واحداً من الشخصيات الخرافية التي لا يدركها العقل سوى عبر التمثيل البصري، الذي يجعل من الشخصية معبرة عن قدرة سردية في إطار فضائي كوني له قدرته على إبداع نمط من التواصل بينها وبين المتلقي.
فعلى الرغم من تلك التصورات العلمية التي تستند إليها صور الفيروس، إلا أن هناك من المبدعين التقنين الذين وضعوا تصورات مختلفة في الكثير من الأفلام القصيرة التي تروي حكاية الفيروس بأسلوب ساخر أو تلك التي تهدف إلى التحذير أو التوعية من خطورته.
ولقد أبدع رسامو الكاريكاتير في تصوير هذا الكائن في شخصيته المتخيلة عبر سرد ساخر يصور سيطرته على العالم، أو تأثيراته على الإنسان، وكلها تأتي ضمن التصوير السردي لشخصية الفيروس المتخيلة، والتي تجعل منه واقفاً يلقي خطاباً للعالم مرة، ويحكي قصته وأمنيته عبر مؤتمر صحفي مرة أخرى، ومرة يتمشى في الشوارع الواسعة متحدياً الإنسان أن يخرج إن استطاع وغيرها الكثير من تلك الصور التي يقدمها الرسامون، بوصفها تمثيلاً لحال العالم في صراعه مع هذا الكائن.
إن أنماط الصور التي تقدمها وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة لشخصية هذا الكائن ضمن النطاق الثقافي، تؤكد تلك القدرة التي يقدمها التمثيل في إطاره التأويلي والتواصلي المتخيل، الذي يؤسس لسرد مخيالي قائم على التصوير الذي يشبه ذلك النمط الذي نقدمه للشخصيات الخرافية في محاولة لإعادة إنتاج المسرود، وعلينا بعد ذلك الحرص على أرشفة تلك الصور باعتبارها تدويناً ثقافياً.
ولهذا فإن الصور التي تُنتج لشخصيات خرافية من مثل (حمار القايلة)، أو (الجني المسلسل)، أو (السعلاة)، أو (الهامة) وغيرها الكثير، كلها تأتي ضمن إعادة إنتاج المسرود في شكل تقني يقدم النمط الحكائي بصرياً، في محاولة لعقد علاقات زمانية ومكانية مع المتلقي، الأمر الذي يكشف قدرة النمط الحكائي على التمثيل وطاقته السردية لإنتاج نمط من الصورة عبر سلسلة من التتابعات الإدراكية التي تعكس البعد الفضائي للشخصية.
إن الأمر ذاته سنجده اليوم في تلك الصور المتخيلة لشخصية فيروس (كورونا) وفق تصور تخيلي، يجعل منه واحداً من الشخصيات الخرافية التي لا يدركها العقل سوى عبر التمثيل البصري، الذي يجعل من الشخصية معبرة عن قدرة سردية في إطار فضائي كوني له قدرته على إبداع نمط من التواصل بينها وبين المتلقي.
باسمة أبو شعبان
منذ 16 ساعات
حسن جمعة الرئيسي
منذ 20 ساعات
فعلى الرغم من تلك التصورات العلمية التي تستند إليها صور الفيروس، إلا أن هناك من المبدعين التقنين الذين وضعوا تصورات مختلفة في الكثير من الأفلام القصيرة التي تروي حكاية الفيروس بأسلوب ساخر أو تلك التي تهدف إلى التحذير أو التوعية من خطورته.
ولقد أبدع رسامو الكاريكاتير في تصوير هذا الكائن في شخصيته المتخيلة عبر سرد ساخر يصور سيطرته على العالم، أو تأثيراته على الإنسان، وكلها تأتي ضمن التصوير السردي لشخصية الفيروس المتخيلة، والتي تجعل منه واقفاً يلقي خطاباً للعالم مرة، ويحكي قصته وأمنيته عبر مؤتمر صحفي مرة أخرى، ومرة يتمشى في الشوارع الواسعة متحدياً الإنسان أن يخرج إن استطاع وغيرها الكثير من تلك الصور التي يقدمها الرسامون، بوصفها تمثيلاً لحال العالم في صراعه مع هذا الكائن.
إن أنماط الصور التي تقدمها وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة لشخصية هذا الكائن ضمن النطاق الثقافي، تؤكد تلك القدرة التي يقدمها التمثيل في إطاره التأويلي والتواصلي المتخيل، الذي يؤسس لسرد مخيالي قائم على التصوير الذي يشبه ذلك النمط الذي نقدمه للشخصيات الخرافية في محاولة لإعادة إنتاج المسرود، وعلينا بعد ذلك الحرص على أرشفة تلك الصور باعتبارها تدويناً ثقافياً.
الأخبار ذات الصلة
باسمة أبو شعبان
18 يناير 2021
مؤيد الزعبي
18 يناير 2021
د. شهد الراوي
16 يناير 2021
د. شهد الراوي
9 يناير 2021
د. شهد الراوي
2 يناير 2021
د. شهد الراوي
26 ديسمبر 2020
د. شهد الراوي
19 ديسمبر 2020
د.عماد الدين حسين
16 ديسمبر 2020
د. حميد الكفائي
15 ديسمبر 2020
د. واسيني الاعرج
14 ديسمبر 2020
د. انتصار البناء
13 ديسمبر 2020
د. مجيب الرحمن
13 ديسمبر 2020