الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الصورة.. نمط من التخيل

في ثقافتنا العربية التقليدية نجد أن الصورة لا تكاد تتعدى مستوى السرد في وصف الشخصية المتخيلة، سواء أكانت ذات نمط شعبي أو خرافي؛ ذلك لأن الصورة هي إعادة إنتاج للمسرود أو المتصور ذهنياً في المخيلة الشعبية، ولهذا فإن الكثير من الحكايات الشعبية والشخصيات الخرافية أعيد إنتاج صورها حديثاً عندما أردنا توثيقها أو تدوين سيرتها الحكائية.

ولهذا فإن الصور التي تُنتج لشخصيات خرافية من مثل (حمار القايلة)، أو (الجني المسلسل)، أو (السعلاة)، أو (الهامة) وغيرها الكثير، كلها تأتي ضمن إعادة إنتاج المسرود في شكل تقني يقدم النمط الحكائي بصرياً، في محاولة لعقد علاقات زمانية ومكانية مع المتلقي، الأمر الذي يكشف قدرة النمط الحكائي على التمثيل وطاقته السردية لإنتاج نمط من الصورة عبر سلسلة من التتابعات الإدراكية التي تعكس البعد الفضائي للشخصية.

إن الأمر ذاته سنجده اليوم في تلك الصور المتخيلة لشخصية فيروس (كورونا) وفق تصور تخيلي، يجعل منه واحداً من الشخصيات الخرافية التي لا يدركها العقل سوى عبر التمثيل البصري، الذي يجعل من الشخصية معبرة عن قدرة سردية في إطار فضائي كوني له قدرته على إبداع نمط من التواصل بينها وبين المتلقي.


فعلى الرغم من تلك التصورات العلمية التي تستند إليها صور الفيروس، إلا أن هناك من المبدعين التقنين الذين وضعوا تصورات مختلفة في الكثير من الأفلام القصيرة التي تروي حكاية الفيروس بأسلوب ساخر أو تلك التي تهدف إلى التحذير أو التوعية من خطورته.


ولقد أبدع رسامو الكاريكاتير في تصوير هذا الكائن في شخصيته المتخيلة عبر سرد ساخر يصور سيطرته على العالم، أو تأثيراته على الإنسان، وكلها تأتي ضمن التصوير السردي لشخصية الفيروس المتخيلة، والتي تجعل منه واقفاً يلقي خطاباً للعالم مرة، ويحكي قصته وأمنيته عبر مؤتمر صحفي مرة أخرى، ومرة يتمشى في الشوارع الواسعة متحدياً الإنسان أن يخرج إن استطاع وغيرها الكثير من تلك الصور التي يقدمها الرسامون، بوصفها تمثيلاً لحال العالم في صراعه مع هذا الكائن.

إن أنماط الصور التي تقدمها وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة لشخصية هذا الكائن ضمن النطاق الثقافي، تؤكد تلك القدرة التي يقدمها التمثيل في إطاره التأويلي والتواصلي المتخيل، الذي يؤسس لسرد مخيالي قائم على التصوير الذي يشبه ذلك النمط الذي نقدمه للشخصيات الخرافية في محاولة لإعادة إنتاج المسرود، وعلينا بعد ذلك الحرص على أرشفة تلك الصور باعتبارها تدويناً ثقافياً.