الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

شموع المقالات

أحياناً يتخيل كاتب المقالة قلمه شمعة تضيء للقارئ فكرة يظنها معتمة، والمقالة لها خصوصيتها عن بقيّة الكتابات المختلفة لأنها فن يجمع كل فنون الكتابات لعدم تقيّدها بأسلوب معين أو مساحة محددة، أو أن تقتصر على مواضيع دون أخرى، ونغفل أن المقالة في حقيقتها تحمل حكمة يريد أن يوصلها الكاتب لقرائه.

والكاتب المتمكن يستطيع تخطي الخطوط الحمراء، التي تعترض شمعته ويجعل ضوءها يصل للقارئ بدون إحراق تلك الخطوط الحمراء، فكاتب المقالة هو من يملك أرض ورقته ويغرس فيها ما يشاء، مستخدماً حبر محراثه في اختيار الحروف والكلمات التي يسطر بها مقالته وتطويعها وتحويرها في إيصال ثمرة مقالته للقارئ، ولا يمكن وصف سعادة كاتب المقالة إذا نُفخت الروح في شمعته الذائبة، وأعيدت لها الحياة لتتحول مقالته التي وضع فيها رأيه وفكرته إلى مولود حقيقي موجود على أرض الواقع.

وكُتاب المقالات أصناف، فمنهم الهواة الذين يحتاجون للدعم، ومنهم كُتاب المقالات الطارئة وهؤلاء يشعلون شمعتهم لتسليط الضوء على موضوع آني أو كرد فعل على أمر طارئ ثم يختفون، وقد يظهرون في مناسبات مشابهة.

توارد الخواطر في المقالات أمر وارد، ولكن يوجد هناك صنف من كُتاب مقالات القص واللصق الذين لا تجد في مقالاتهم أي إبداع أو تعبير عن رأيهم، وعند قراءة مقالاتهم تشعر بأنك تقرأ خبراً، وليست مقالة تجد رأي وفكر كاتبها فيها.

وهناك صنف من كُتَّاب المقالات الذين يفتقدون الثقة في أقلامهم، وفي سرعة استيعاب القارئ لهم، فتراهم يستهلكون الوقت، وهم يدورون حول محور واحد فقط.

وهناك من يمكن إن نصنفه كاتب مقال مميزاً ومبدعاً، ولكن ليس كل الناس تتفق على إعطائه هذا التصنيف لاختلاف الناس في أذواقهم وميولهم من المواضيع التي يطرحها، وإن كان معيار هذا التصنيف يعتمد على مدى امتلاك الكاتب لأدوات الذكاء الكتابي في مقالته.

والسؤال هنا: هل ستتطور كتابة المقالات بحيث تدخل عليها أو تنبثق منها أدبيات جديدة نتيجة التطورات التقنية بعد أن اقتحمت لوحة مفاتيح الهواتف والحواسيب الذكية عالم المقالات، وتراجع دور الأقلام التقليدية في حرث الأوراق، بحيث تحل بعض الأيقونات مكان الكلمة، ومع مرور الوقت يدخل فن جديد في كتابة المقالة، ويتم تصنيف الكاتب بمدى مقدرته على تسخير وتطويع أيقونات الأجهزة الذكية في كتابة المقالة؟