الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

مقالات استعراضيَّة

اهتم الإنسان، منذ عصور، بالتجمعات والمسابقات الاستعراضية، وذلك في مجالات مختلفة أدبية، علمية، مهنية، رياضية وغيرها من الأنشطة.

ومع تطور الحياة تطورت المنافسات والاستعراضات بأشكالها المختلفة، وطبيعي أن تأخذ المقالة نصيبها من الاستعراضات التي يُبَين كاتبها مدى تميزه في تطويع الكلمة بأشكالها المختلفة خدمة لتقوية مقالته، من خلال عبارات أو مصطلحات أو أمثال وغيرها من محسنات الكتابة.

ولكن ما يلفت النظر أن هناك بعض كُتاب المقالات لا يحالفهم التوفيق في استخدام حقهم في الاستعراض الكتابي لمقالاتهم، وعرض ما يمتلكون من مخزون لغوي ومعرفي، فالبعض يستخدم مصطلحات لا تمت لموضوع المقالة بصلة حتى إن القارئ يحس بإقحام هذه المصطلحات في المقالة.

كما يميل بعض كتاب المقالات إلى استخدام مصطلحات ذات وقع غريب على السمع العربي، كنوع من الاستعراض مثال: الكوسمولوجيا، التيولوجيا، الأوردفيشي، الميتافيزيقيا، الهوموفبيك، والعديد من المصطلحات العلمية والأدبية والتاريخية والفلسفية وغيرها من المصطلحات المشابهة.

وأحياناً تجبرك هذه المصطلحات لغرابتها وعدم تناسقها مع موضوع المقالة، أن ترجع للمراجع اللغوية والقواميس، لتتفاجأ عند استخراج معانيها أنها تسبح بوادٍ غير ما أراده كاتب المقالة.

لا يوجد من هو ضد أن يستخدم أي كاتب إبداعاته ومخزونه الثقافي، ومنها المصطلحات التي تطرب السمع، أو تزيد من ثقافة المتلقي، حتى لو أدى ذلك لاستحداث مصطلحات جديدة، ولكن يجب أن تكون في موضعها ولا تكون على حساب موضوع المقالة وتشتيت القارئ.

ومن المقالات الاستعراضية هو أن يقوم بعض الكُتّاب بكتابة مقالات دون مراعاة الفائدة التي تعود على القراء، بصرف النظر عن عددهم، قَل أو كَثُر، وكل همَّه أن يسجل موقفه الخاص من الموضوع تحت ستار مقالة دون وجود مضمون للمقالة.

ويتجاوز البعض تسجيل موقفه الاستعراضي، ويصبح ملكاً أكثر من الملك وتقوده أنانيَّتُه إلى تناول محاور لا تريد الجهة التي يتبنى موقفها أن يُنسب لها، أو أن يتم استعراضها في وسائل الإعلام بصورة مخالفة لتوجهاتها وأهدافها.

ونعود لنؤكد أن الاستعراض وقود التطور والإبداع، لكن البعض يستخدم هذا الوقود لحرق مقالته عندما يخرجها من إطار المقالة، ويكتبها بأسلوب استعراضي متعالٍ يُرضي غروره بأنه صاحب رأي راجح، وقد يكون واهماً، بينما للمقالة نَفَس تفاعلي بين الكاتب والقارئ، الذي ليس مستمعاً لخطبة حماسية، وإنما يقرأ ثم يُقَيم ما قرأه.