الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

النشر الذاتي.. ومستقبل صناعة المعرفة

يُنادي العالم اليوم بتطوير مهارات القرن الـ21 لدى الطلبة، ليصبحوا قادرين على صناعة محتوى معرفي وإيصاله إلى الجمهور بفاعلية كبيرة، ويتخلل كل ذلك جهد ذهني يعتمد على فكر نقدي وتحليلي وقدرة على التطوير والتحسين.

لو تحقق هذا الأمر كما هو مأمول، فإن الطفرة في جميع القطاعات ستكون إيجابية وهائلة، إذ إن طريقة التعاطي مع المعلومة لن تكون كالسابق، وسيصبح كل شخص «مَصْنعاً» للمعرفة يضيف إلى ما هو موجود عوضاً عن التلقي السلبي.

هذا يستلزم بالضرورة النظر إلى خيارات النشر الأخرى، ومن ضمنها «النشر الذاتي»، الذي سيمكّن المؤلف من أن يصبح المتحكّم الرئيسي في منتوجه الإبداعي المتكامل، يعبّر عنه ويتحمل مسؤولية نجاحه وإخفاقه. وهو أمر، وإن بدا ثقيلاً على البعض اليوم، إلا أنه لن يكون كذلك لدى أجيال المستقبل، حيث ستتخطّى مهاراتهم حيّز المُعتاد، وستفتح أبواباً جديدة في صناعة المعرفة.


إن المنتج المعرفي يجب أن يحمل قيمة حقيقية ليستمر، وهذه القيمة لا تكون إلا عبر صناعة محتوى مبتكر وخلاّق، يهدم ويبني، يجادل ويناقش، ويضيء جوانب لم نعلم بوجودها قبلاً، وهذا يعني أن عالم النشر يجب أن يكون مفتوحاً، سهلاً، ومتاحاً للجميع، فننتج ونضع هذا المنتج رهن رغبة القارئ، وستصبح المكتبات ـ التجارية والعامة ـ مستقبلاً منصات لعرض أعمال جميع المبدعين ـ حتى لو لم يسبق لهم النشر، بعد استيفاء شروط ومعايير محددة.


هذا سيقود بالضرورة إلى زيادة التنافسية في سوق النشر، ويدفع مؤسسات وبيوت النشر التقليدية إلى تغيير استراتيجيتها لتركّز على اقتناص الأجود من المحتوى فقط، بدون إغراق السوق بمطبوعات ورقية قد لا يضيف الكثير منها شيئاً جديداً للقارئ العربي.