الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

الثقافة.. والتنمية

تتأسس الثقافة ضمن مجموعة من المعطيات، والقيم الفكرية ذات الخصائص المميزة التي تُشكل منها المجتمعات هوياتها الخاصة، لذا فإن الثقافة هي جوهر الإنسان وقوته التي صنعت حضارته منذ القدم ضمن مجموعة من المعطيات ذات الأبعاد الاجتماعية والمعرفية، يصنع منها هويته في عالم من الخصائص الفكرية والحضارية من ناحية والمتغيرات الثقافية والعوامل التي تسهم في ترسيخ القيم المعرفية في المجتمعات من ناحية أخرى.

تأخذ الثقافة المعاصرة أبعاداً معرفيَّة قائمة على إنتاج أنماط حديثة، قادرة على بناء شبكة من العلاقات التنموية ذات النمط المتزن مع الإنسان منتج تلك الأشكال والأنواع الثقافية، ومتغيرات العصر الحديث وتناميها المتسارع، بُغية تحقيق كيان كُلي وظيفي متكامل يحقق التنمية الثقافية في مجتمع معرفي له آفاقه وطموحاته.

ولهذا، فإن الثقافة بوصفها عمق التشكل الحضاري للتنمية المجتمعية، فإنها تظل قائمة على تكوين مجموعة من العلاقات التي لا تنفصل مهما تم تصنيفها، ولعل اجتهاد الحكومات في تصنيف الثقافة وربطها بالأنشطة الإنسانية المختلفة يقدم دليلاً واضحاً على أنها ذات أبعاد معرفية متداخلة، ففي سلطنة عمان مثلاً، بدأت الثقافة في عصر النهضة الحديثة بإنشاء (وزارة الإعلام والثقافة) في عام 1974، ثم (وزارة التراث القومي والثقافة) ثم إلى (وزارة التراث والثقافة) في عام 2002، والتي تُعنى بوضع السياسات والخطط والبرامج في مجالات التراث والثقافة، والعمل على تنفيذها، ومنها المسوحات الأثرية والتنقيب والحصر لمواد التراث الثقافي والترميم المعماري، بالإضافة إلى تشجيع المثقفين وإبراز إسهاماتهم، وتطوير قدراتهم، ودعم المبادرات الإبداعية والفكرية وغيرها.


وفي العهد الحديث الذي يقوده السلطان هيثم بن طارق تم دمج قطاع الثقافة والرياضة معاً في وزارة (الثقافة والرياضة والشباب)، بهدف دعم الشباب العماني باعتباره المؤسس لمجتمعه، وصانع حضارته، والمحقق للإبداع والابتكار الذي يضمن تنمية المجتمع واستدامته، فهو محور الأساس في مجالات الأنشطة الإنسانية جميعها، ولهذا ستبقى الثقافة صلة الرحم بين جوانب التنمية الوطنية التي يؤسسها الإنسان، ويستثمر ضمنها قدراته الخلاقة ومواهبه، التي وظفها لإنتاج هُويته الوطنية ضمن هُويته القومية.


إن الثقافة في ارتباطها بالشباب تحقق مجموعة من الأهداف التنموية والحضارية، التي ينشدها المجتمع لإنتاج هُويته، ذلك لأن المستقبل بمتغيراته وتطوراته المتسارعة مرهون بقدرة الشباب على التعاطي مع تلك المتغيرات دون المساس بالأصول الحضارية والقيم الراسخة، ليكون مبدعاً في الإنتاج الثقافي، وصانعاً للتطورات التقنية والفكرية، ومُحتفظاً بهُويته من ناحية أخرى.