الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

عالم افتراضي.. أكثر واقعية

في الوقت الذي تتراجع فيه أرباح كبريات شركات إنتاج الملابس، تتحدث التقارير ولغة الأرقام عن ازدهار تجارة الألعاب الإلكترونية التي حققت أرباحاً في 2019 تجاوزت 120 مليار دولار بزيادة 4% عن عام 2018.

ويأتي في مقدمة تلك الألعاب لعبة الفيديو الإلكترونية الشهيرة «فورتنايت» التي صدرت في يوليو 2017 عن شركة « إيبك غيمز» لتتحول خلال فترة وجيزة إلى واحدة من أكثر الألعاب شعبية على مستوى العالم بعدد لاعبين تجاوز 350 مليون لاعب، وبأرباح فاقت 3 مليارات دولار عام 2019، متجاوزة بذلك الأرباح التي حققتها شركات إنتاج وبيع الملابس الكبرى في العالم.

ولا تجني الشركة المنتجة للعبة أرباحها من رسوم تحميل اللعبة التي هي مجانية في الأصل ولا من رسوم الاشتراك، بل إن معظم الأرباح تأتي على الأرجح من شراء خدمات افتراضية داخل اللعبة مثل الملابس أو الأشكال التي يتخذها الأبطال الافتراضيون داخل اللعبة ذاتها، وهو ما يعطي انطباعاً عميقاً آخر، بحجم الانتصار الذي يحققه العالم الافتراضي على حياتنا الواقعية، حتى باتت بعض الشركات التي تنتج ما هو غير ملموس ولا يمكن رؤيته إلا على الشاشة، تتفوق على شركات يتصبب عمالها عرقاً وتتصاعد منها أعمدة الدخان مثل: مصانع الغزل والنسيج والملابس الحقيقية التي يتطلب إنتاجها مواد خاماً وأيادي عاملة وطاقة وغير ذلك.


ويستمر العالم المتخيل الذي تنتجه الوسائل الافتراضية في هزيمة الواقع الملموس وتتجاوزه أحياناً، ومن أمثلة هذا الماراثون العجائبي، نتائج الإحصائية الطريفة والمثيرة للانتباه التي نشرها موقع GAME حول عدد ساعات اللعب العالمية التي قضاها البشر في لعب «فورتنايت» والتي تعادل 3.8 مليار يوم أو 10.4 مليون عام، وهي مدة زمنية يقول الموقع البريطاني إنها تتجاوز زمن ظهور الإنسان على الأرض بأكثر من 52 مرة.


لقد بات العالم الافتراضي يغزو العالم الحقيقي بشكل لم يكن الإنسان يتخيله يوماً حتى في قصص الخيال العلمي، ويبدو أن القادم سيكون أكثر غرابة، مع تقلص مساحة الحضور البشري في كثير من القطاعات لمصلحة الحضور الافتراضي أو الآلي الذي يعكسه التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي طوره الإنسان لينهزم أمامه ربما ذات يوم أو يفقد السيطرة عليه، حينها لن تجدي رسالة الطمأنة التي بعثها الصحفي الروبوت GPT-3، في افتتاحية صحيفة الغارديان البريطانية التي كتبها وقال فيها: «نحن لا نخطط للسيطرة على البشر»!