السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

قيود الصورة.. وما وراءها

شغلتنا الصورة!.. ذلك الضوء المنبعث من عدسة صغيرة، ولكنها كاشفة حد العري أحياناً، شغلتنا حتى بات من شبه المستحيل أن يفر يوم واحد من حياتنا من ربقتها، تحت مسمى «يوميات»، اتخذها البعض ممن نطلق عليهم اليوم «مدمنو التصوير»، المؤمنون بتصوير «واقع يومياتهم» من ساعة صحوهم حتى ما قبل إغماضة طرفهم!.

من المؤسف جداً، أن تصبح حياتنا قيد حكم ونظر الآخرين، وأن يصل الإدمان بأحدنا إلى حد «اللا شعور» بالحركة أو بالكلمة التي تصدر منه إلى حد «هتك ستر البيوت» وعرض ما تحويه بين جنباتها، وبكل تفاصيلها، لم تسلم منه خزائن وأدراج غرف النوم، والمطبخ، والثلاجة من عرض لم يخلُ من استعراض طائش، لا يمكن التعاطي معه أو تقبله تحت مسمى توثيق «حياة الواقع» بأيّ حال من الأحوال!.

ومن المؤسف أيضاً، أن نخضع، أو نُخضع حياتنا وبأدق تفاصيلها لآراء متابعين لنا، عبر وسائط افتراضية، جُلّهم وهميون، وأن «نُنسق» مزاجنا اليومي وفق ما يتوافق أو يغذّي فضول أولئك «المشاهدين»!.

مع شيوع مرض الإدمان على المواقع الافتراضية، بدت تتبدَّى اجتماعياً ظواهر تعد نتاجاً طبيعياً لهذا المرض؛ إشكالات أو مشكلات اجتماعية ــ أسرية، نتجت بسبب سوء استخدام وسلوكيات لا مسؤولة انتهجها كثير ممن تورطوا في حالة إدمان إلكتروني، بعد استحواذ بريق تلك العدسة، وهيمنة من يترصدوا «بريقها» اليومي على إرادتهم!

أتساءل بحرقة: أي قائد اجتماعي نرجو أو نتطلع إليه، يكون قدوة حسنة يحتذى بها، وهو أسير لشهوة الشهرة الكاذبة، يعرض يومياته المهمة والتافهة، الخاصة والعامة بلا داع.. كائن «مهووس» يخضع لسلطة إلكترونية، لا يجرؤ هو، أو أهل بيته، أو عياله، على مد أيديهم لماعون، من قبل أن يضبط عدسة وزاوية كاميرا هاتفه المحمول، ليعرض لمريديه ما سوف ينزل في جوفه!

من العيب جداً، أن تترهل أدبياتنا وتقاليدنا الاجتماعية الأصيلة، إلى حد تتلاشى فيه الحدود الفاصلة بين العام والخاص جداً؛ أن تخوننا «غيرتنا» إلى هذا الحد المخجل.. السافر، ولا نبالي!