الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

شاي «بيترز».. و«شاهي» ليبيا

حكايات جديدة يقدمها الروائي الألماني كريستوف بيترز للقارئ عن الشاي، طقوسه، وعلاقة الشاي بكرة القدم، وفن إعداده الذي يجلب السعادة.

في كتاب «الشاي: ثقافات.. طقوس.. حكايات» الذي نقله إلى العربية المترجمة سمر منير (العربي للنشر والتوزيع ـ 2018 )، يشير كريستوف بيترز إلى طبيعة السعادة التي يشعر بها عند إعداد الشاي، إذ هو ليس مجرد مشروب فحسب، وإنما يكاد يكون مادة سحرية تحمل الناس على الجلوس معاً وسرد الحكايات والإصغاء لبعضهم البعض، كما أنه يشحذ الانتباه، وينعش الحواس، ويبعث القلب على الهدوء، وأيضاً مناقشة أسئلة من قبيل: إلى أين سنذهب؟ وكيف نريد أن نحيا حياتنا؟ في هذا الكتاب يطرح الخبير بالشاي كريستوف بيترز أفكاره حول ثقافة الشاي في العالم، من تركيا إلى اليابان والصين ولندن ومصر.

يرفض كريستوف بيترز المقارنة بين القهوة والشاي، فلا يمكن تصور أن يطلب أحد الشاي بطريقة التيك أواي، فإن وقع ذلك الطلب في آذان من يشربون الشاي اعتبر أمراً عبثيّاً.


وتعتبر القهوة وفق كريستوف بيترز إحدى القوى المهمة المحركة للمجتمع القائم على مبدأ الإنتاج، في حين أن الشاي يرمز للانطواء والتأمل الذاتي، حيث إنه يرافق من يشربه عندما يتجاذب أطراف الحديث بصوت منخفض، أو يطالع كتاباً في غرفة ذات أثاث عريق، وبها لوحات ذات إطار ذهبي.


هذا الكتاب دفعني كقارئة إلى البحث عن طقس الشاي في ليبيا، بحسب المراجع كان يسمى في الوثائق والتواريخ المغاربية «التيه» ولا يزال هذا اللفظ يستعمل في مدن غدامس وغات، ونقول اليوم باللهجة الليبية «الشاهي» بزيادة الهاء، ولعلها هاءُ الاشتهاء.

وفي إحدى الدراسات لأكثر دول العالم شرباً للقهوة، جاءت ليبيا من دول العالم المنخفضة في استهلاك القهوة، بينما تميزت طقوس الشاي في ليبيا بخصوصية لا تختلف كثيراً عن طرح بيترز، حيث يصل تحضيره إلى 3 أدوار، في جلسة تسمى (قعدة العالة) تجمع أفراد الأسرة بعد وجبة الغذاء، حتى وإن شاهدنا اختفاء هذا الطقس حالياً إلا أن هناك عودة للعالة خاصة في شهر رمضان.

يفضل كريستوف بيترز ـ منذ أن كان فتى يافعاً ــ جمع أواني الشاي أكثر من جمع الأسطوانات، وحتى الآن يقضي ساعات طويلة في اختيار أباريق الشاي من أجل معرفة أفضل السبل، التي تمكنه من إعداد شاي رائع المذاق.