الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

القراءة.. غربال القناعات

قد يكون جميع البشر مبرمَجين على ما ألِفوه وورثوه من محيطهم الذي يعيشون فيه، وهذا المحيط يشمل الأسرة والمجتمع والمدرسة والأصدقاء وغيرهم، هذه الموروثات التي تُبنى عليها المسلمات والقناعات تترسّخ في العقل اللاواعي للإنسان دون مقاومة، ودون عمليات غربلة أو «فلترة» تُنقيها من الشوائب العالقة بها، والتي قد تخالف العقل والمنطق.

الخروج من جبة هذه الموروثات، التي تكون في أحيان كثيرة غير إيجابية، ليس بالأمر الهيّن، وطريقه، عادة، ما يكون مملوءاً بالأشواك لا بالورد.

إحدى الطرق أو الوسائل التي قد يتسلل منها الإنسان إلى عقله اللاواعي واكتشاف وغربلة ما ترسّخ فيه من قناعات آمن بها وسلّم بها منذ صغره هي القراءة، فالقراءة هي بمثابة رحلة استكشافية يكتشف فيها الإنسان حقيقة نفسه وما يؤمن به.


هناك فخ يقع فيه الكثير من القُراء، وخاصة في بداية دخولهم عالم القراءة، ألا وهو التعصّب المبالغ فيه لمفهوم جديد اكتشفوه من خلال قراءتهم يعاكس ما كانوا يؤمنون به، وهو أمر بديهي ويعرفه كل من مرّ بهذه التجربة، لكن مع الاستمرار في القراءة، قد يتوصل إلى معلومة أو رأي آخر جديد قد يخالف ما كان يروّج له حتى وقت قريب، وكان يعتبره بمثابة نصر جديد واكتشاف عظيم.


بخلاف القيم الأساسية للبشرية والتي تتمثل في الصدق والأمانة وحب الخير وغيرها من القيم، لا يوجد هناك ما يُسمّى ثوابت غير قابلة للنقاش، فخلاف ذلك، جميع القناعات والمسلّمات قابلة للتمحيص والدحض والأخذ والرد.

تغيير الإنسان لقناعاته بين حين وآخر هو دليل قوة لا دليل ضعف كما يعتقد كثير من الناس.