الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

فضاءات «أدب الجريمة»

قلت لهم: «اذهبوا إلى المدرسة وأخرجوه منها مكبلاً بالأصفاد، حتى يشاهده بقية الطلبة ويدركوا أن الجريمة مكانها السجن».. هذا ما قاله أحد المحققين في البرنامج الذي يعرض قصصاً واقعية عن الجريمة والمجرمين، توقفت طويلاً أمام ما قاله المحقق، كنت أتوقع أنه سيقول كلاماً مختلفاً، وبأنه سوف يراعي الحالة النفسية للمراهق الصغير، الذي قتل والده، لأنه شعر بأنه لا يمكن له البقاء طويلاً في حصار السلطة الأبوية، ولكن، لربما كان المحقق على حق، وأن التساهل في الدفاع عن المجرم فقط لكونه صغيراً في العمر، أمر لا يعفيه من تلقي العقاب.

هناك الكثير من القصص التي تلوح في الآفاق، سواء أكانت لمراهقين أو لقتلة اعتيادين ومتعارف عليهم، هؤلاء الذين يقتلون لمجرد القتل، فيقدمون على ارتكاب أفعال بشعة وجرائم مجنونة.

للأسف الأدب العربي كان بعيداً عن أدب الجريمة، إذا استثنينا عدداً من المحاولات القليلة، لكنها لم تحظَ بالشهرة كما فعلت على سبيل المثال رواية «الجريمة والعقاب» للروائي الروسي دوستوفيسكي، حيث تطرقت الرواية إلى الجريمة وعلاقتها بالمشاكل الاجتماعية والأخلاقية، واستطاع دوستوفيسكي رسم شخصية البطل «راستكولنيوكف»، من حيث التعقيدات الشخصية الإنسانية مقدماً عدداً من التفسيرات، ومناقشاً للدوافع والبواعث الكامنة في اللاوعي، وكل شخصية في رواية دوستوفيسكي تشكل لغزاً بوليسياً يستعصي فهمه بوضوح، حيث تصدر عن الشخصيات تصرفات غريبة وغير متوقعة، ويكمن وراء ذلك سر يجب على القارئ التنبه له.


ولأن الكتاب في الفترة الأخيرة لم يعد ذا شأن في المجتمع العربي، فنحن بحاجة إلى طرق أخرى للوصول إلى الجمهور، وتقديم دراسات سلسة عما يحدث في النفس البشرية، والوصول إلى عمق الإنسان المضطرب، وتحديد ظروفه ومشاكله، كما فعلت رواية «الجريمة والعقاب».