الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«المالوف الليبي».. فضل «الصوفية»

لم أكن أعرف عن «المالوف الليبي» إذ لم أهتم بمعرفة، ولو معلومة صغيرة عن هذا الفن، إلا حين لاحظت كثيراً من الأصدقاء يرددون، بحب، قصيدة «المنفرجة»، للشاعر يوسف بن محمد بن يوسف التوزري التلمساني (المعرّف بابن النحوي)، وتلك القصيدة استطاعت، برأيي، أن تقدم مشاهدة حية لضرورة تمسكنا بالأمل، كما في أبياتها القائلة:

اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج

وظلام الليل له سُرج حتى يغشاه أبو السُرج


وسحاب الخير له مطر فإذا جاء الإبان تجي


وفوائد مولانا جُمَل لشروج الأنفس والمُهج

في القرن الثالث عشر زار ليبيا، طرابلس تحديداً، عالم دين ومتصوف هو أبوالحسن الششتري، الذي أمد الليبيين بعدد من نصوص الموشحات، مع يعني أن الفضل للطرق الصوفية في إدخال المالوف إلى ليبيا، وعلى رأسها الطريقة العيساوية، وكان أن اختارت هذه الطريقة الموشحات الدينية للترويح، ثم سرعان ما لحقت بها الموشحات الغزلية، ولم تمر فترة طويلة حتى كوّن المالوف شخصية مستقلة عن الموشح، من خلال ألحانه وإيقاعاته.

ولكن مع تطور الحياة وتقدمها، انتقل فن المالوف من الزوايا العيساوية، التي حافظت عليه، إلى حجرات البث المباشر في القسم العربي بالإذاعة الإيطالية في طرابلس الغرب في أكتوبر 1938، ومن الذين قدموا فقرات المالوف في ذلك الوقت، الشيخ محمود كانون المعروف بالبرداش، وفي عام 1949، تولى الشيخ محمد قنيص الذي يعدُّ من أهم رواد المالوف في ليبيا، تقديم حلقة إذاعية أسبوعية، عن المالوف واستمر الحال حتى عام 1957، عام افتتاح الإذاعة الليبية، وفي عام 1964، أسس الفنان الراحل حسن عريبي (فرقة المالوف والموشحات)، المستمرة إلى يومنا هذا.

ومن أشهر القصائد التي أنشدها الراحل حسن عريبي: نعس الحبيب وتذبلت وجناته.. وعيونه شواخص لم تنعس.. أطلت الهجر يا بدري.. على مغرم زائد الأشواق.. بحالي لو تدري وتعلم ما حل بالمشتاق.. بسيف كم ترمي ولم تخطئ أكباد العشاق.. قد هاجت أشواقي وأنا صرت شايب.. وضاقت أخلاقي من بعد الحبايب.

ويرى بعض المؤرخين أن المالوف الليبي، كان أوسع انتشاراً، لكن ليس أكثر ثراء في الإيقاعات، لأن المشايخ الذين استجلبوه، رأوا فيه فناً للزوايا فقط، يُراعي في ألحانه البساطة، حتى يتسنى للناس أن يردّدوه بالحضرات والمناسبات الدينية، لذلك اتخذ شكلاً واحداً، يبدأ بإيقاعات بطيئة ثم يتسارع.