الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

العلم صمام الأمان

غياب العلم بأسباب الخلاف وموجباته، في العلوم الشرعية بالخصوص، ينشأ بسببه تيار يستند إلى الجهل بطبيعة التشريع، كذا بواقع المدارس الفقهية المعتمدة، والناتج هو: اتهام الآخرين بالابتداع، عند ممارسة أي تصرفات أو اختيارات تدينيّة، لم يستطع المتهم أن يستوعبها.

من أهم الأمور إعلان أن لكل إنسان الحق في ممارسة الاختيارات التدينية الفرعية، وخصوصاً تلك التي يقف خلفها علماء عرفوا برسوخهم في المعرفة الشرعية، وعرفوا أيضاً بحرصهم الشديد على الالتزام بما ثبت في الشرع، والذين لم يعرف عنهم تهاون في أمور الشريعة، أو الجهل بها.

والمتأمل في واقع التدين في عالم المسلمين اليوم، سيجد ما لم يمكن حصره من الممارسات التي يقصد القائمون بفعلها دعم الفرائض الشرعية بأفعال اجتماعية مؤازرة، كالاجتماع مثلاً لقراءة القرآن، أو قراءة سيرة سيد المرسلين، صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يؤدون ذلك بسلاسة ويسر، مثلما يؤدون مختلف أعمالهم الأخرى، وهو تأكيد صريح أن الحياة التدينية مجال واسع، وجنباتها لا نهاية لها، ويخطئ كثيراً من يحاول جعل الناس على طريقة واحدة، أو يحاول هدم تنوع اهتماماتها، وتعدد آرائها.

إن المخرج الجميل، من الظن الخاطئ بأن العلم باب واحد، هو دعم الرصين من المؤسسات العلمية الراعية للتدين، وتمكين العلماء، وتعزيز مكانتهم، وإنشاء المعاهد المتخصصة في تكوين وإعداد طلبة العلم، ودعم الموجود منها، وحثها على اعتماد برامج تعليمية دقيقة، بقصد تخريج أفواج من العلماء ذكوراً وإناثاً، يحملون أمانة تبليغ العلم، والاهتمام برسالته المعرفية.

والعلم هو صمام الأمان، والمتخصص في علوم الشرع الحنيف ضد تيارات التطرف، وأن حملته قادرون على الوقوف بثبات في وجه تيارات الغلو والإرهاب، ولا شك أبداً في أن الأمر عندما يتعلق بالحديث عن الدين، سيحتاج الكل إلى صاحب المعرفة، والفهم المستنير، خاصة بعدما صار واضحاً، تضخم المعاناة من وجود خلل كبير في تعامل البعض مع النصوص وطريقة الاستنباط منها، وفي الوقت نفسه وجود كثرة من المتحدثين في الدين، وأغلبهم يسارعون إلى تفسير النصوص دون أن يكون لديهم العلم الكافي لذلك، ومن علاماتهم استماتتهم في إقصاء السنة النبوية المشرفة، وفصلها عن القرآن الكريم، وإيقاعهم لمن حولهم في الجدل المستمر، والخطأ الدائم.